الاستجابة السريعة من المملكة للأشقاء في الدول العربية والإسلامية في الكوارث والمحن، في كافة الملمات والكوارث التي تواجهها هذه الدولة أو تلك بين الحين والآخر أصبحت تشكل واجهة أساسية لها وعنوانًا للبعد الإنساني الذي يقوم على أسس الشريعة السمحة التي قام عليها الكيان بحيث يمكن القول دون أدنى مواربة أن شيم القائد المؤسس الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- في النخوة والشهامة والمروءة التي شكلت بعدًا هامًا في شخصيته القيادية انعكست على شخصية المملكة التي أصبحت تلك الخصائص عنوانًا لها في المجتمع الدولي بما أكسبها احترام وتقدير العالم كله وبما وضعها في مقدمة الدول التي تتمتع بمكانة مرموقة في العالم، لا سيما وأن تلك الاستجابة تخطت الدائرة العربية والإسلامية واتسعت دوائرها لتشمل العالم كله حتى أصبحت المملكة في عهد خادم الحرمين تعرف بأنها مملكة الإنسانية. لذا فليس من المستغرب أوالمفاجىء أن يوجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز- يحفظه الله- بتقديم مساعدة بمبلغ 50 مليون دولار لمواطني الروهنيغيا المسلمين في ميانمار الذين يتعرضون لانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان بما فيها التطهير العرقي والقتل والاغتصاب والتشريد القسري، وذلك استجابة لحاجة المسلمين هناك، وتخفيفًا للمعاناة التي يعيشونها لما يواجهونه جراء ذلك. هذا التبرع السخي الذي يعكس تفاعل المليك المفدى مع آلام ومصائب شعب أراكان المسلم يؤكد على سياسة المملكة في الدائرة الإسلامية التي تقوم في أحد مبادئها الرئيسة على دعم الأقليات المسلمة في العالم والانتصار لقضاياهم وتخفيف معاناتهم، لا سيما وأنه يأتي عشية القمة الإسلامية الاستثنائية الرابعة التي تعتبر قضية مسلمي الروهينجيا في ميانمارضمن أولوياتها. الدعوة إلى القمة الإسلامية والتبرع السخي الذي قدمه خادم الحرمين الشريفين لشعب أراكان ودعوة الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلو، السياسية البورمية أونغ سان سو كي رئيسة الجمعية الوطنية للديمقراطية في ميانمار، والحائزة على جائزة نوبل للسلام، لأن تلعب دورًا إيجابيًا في إنهاء العنف ضد الأقلية المسلمة الذي تشهده ولاية آراكان في ميانمار، كل تلك المظاهر تؤكد جميعها على أن التضامن الإسلامي الذي تقوده المملكة على أعتاب مرحلة جديدة لصياغة واقع إسلامي أكثر قدرة على التعبير عن طموحات وآمال الأمة.