ها قد جاء شهر الخير والبركات واليمن والخيرات شهر القرآن وشهر الإنجيل والتوراة .. شهر خصه الله جل وعز بالصيام والامتناع في نهاره عن الأكل والشرب ليستشعر الصائم إحساس البائس الفقير ومن لا يجد قوت يومه .. ولكن يبدو ان كثيرا من الصائمين قد جعلوا من شهر الصيام شهرا لأكل أنواع الطعام .. ناسين متناسين الحكمة العظيمة من الصيام .. فبعد صلاة العصر تعلن حالة الاستنفار في مطبخ المنزل وتدق طبول الأفران والخلاطات والعاجنات وتوقد النيران ولا ترى الا الدخان ... ما تلبث ان يرمى معظمها بإسراف باذخ .. وقبل ذلك كله تأسف لما ترى من تهافت الناس على الأسواق ومحال بيع المواد الغذائية و عمليات الشراء العشوائية , فلا ترى الا أرباب الأسر وهم يدفعون عربات التسوق أمامهم محملة بكل أنواع المواد الغذائية ,, وهنا وقفة أخرى حول ثقافة الاستهلاك عندنا كمواطنين سعوديين , فهذه الثقافة غائبة تماما .. ونحتاج الى تعزيز مفهوم تلك الثقافة .. فالمواطن غلبان سريع الذوبان والانصياع خلف عبارات التخفيض والعرض والمجان ,, تلك العبارات (الكمين) والتي تتزين بها المواد الاستهلاكية في رمضان , فهي عروض واهية وتخفيضات وهمية يتصيدون بها المستهلك البسيط والذي يسعى جاهدا للبحث عما يسد الغرض وهو رخيص .. ومني لكل مستهلك مثلي لا تفكر يوما ما أن صاحب المحل سيعطيك شيئا بالمجان أو ان يحن قلبه ويبيع بأقل من رأس ماله إلا اذا جن عقله ... فأن خفض سعر سلعة ما ربط بيعها بأخرى تأتي بقيمة السلعتين .. وكم أتمنى من وزارة التجارة مراقبة تلك التخفيضات ومعرفة مدى مصداقيتها .. وان يعاقب من يتلاعب بتلك العروض .. أما ارتفاع الأسعار فحديثها لن ينتهي , كيف لا وأسعار المواد الغذائية وغيرها من باقي السلع بلا رقيب ولا ضابط يحد من تضارب أسعارها بين نقاط البيع التي لا يفصل بينها سوى جدار , وهذا التباين مؤشر كبير على غياب الرقابة , والمواسم كشهر رمضان الكريم تعتبر من أخصب المواسم لتجار الجشع الذين لا يألون في المستهلك إلا ولا ذمة , فالغالبية العظمى من المواطنين يئنون تحت وطأة الإجازة الصيفية وما صرف بها من خلال السياحة سواء داخلية كانت او خارجية , فما ان يترنح للخروج من نفق مصاريف الإجازة حتى يستقبله تجار ( الشوربة ) و ( المكرونة ) والعصائر بالأحضان .. وما عيد الفطر السعيد ببعيد ... فهل أضحى صرف راتب إضافي لشهر رمضان أمرا يطرح نفسه على واقع الحال ؟ ياسر احمد اليوبي - مستورة