يبدو أن التربية هي كلمة السر التي عجزنا عن فك طلاسمها في عالمنا العربي المجيد. وضعف تربيتنا هو سر ما نشهده من وقاحة وسوء أدب في بعض فضائياتنا العربية للأسف الشديد. أحيانا أتعجب بشدة بالغة من إعلامي يحسب أنه جاء بكليب ورأسه، وهو ما زاد على تمريغ نفسه في أوحال السباب الفاحش والشتم المقذع والانحطاط البالغ. أحدهم لم يكن له من اسمه نصيب جادت شفتاه المريضتان بوابل من الشتائم لتيار عريض محسوب على رئيس جديد لبلاده لم يمض على توليه منصبه (انتخابا لا انتزاعا) سوى أيام معدودات. يحسب المسكين أنه قد أفحم من يكره، وهو لم يزد على إثبات أن كل وعاء بما فيه ينضح. إنها أزمة التربية التي شوهت فكر أمثال هؤلاء، فما عادوا يطيقون رؤية غيرهم ممن يمثلون الأكثرية، بل ولم يعودوا يحسنون نقدهم أو الاعتراض عليهم بأدب واحترام تحفظ للمتحدث أولا مكانته ولا تجعله من السفهاء الصاغرين. وآخرون يريدون من الرئيس الجديد (المنتخب) عصا سحرية يحركها يمنة، فتقضي على الفقر والبطالة، ويحركها يسرة فتزيل الزبالة وتقضي على الازدحام وتصون الطرقات والشوارع. وإن لم يفعل فهو ناقض للوعود ناكث للعهود، وعليه أن يستقيل عاجلا ليديروا هم شؤون البلاد بطريقتهم الخاصة ونظرياتهم الناجحة. إنها أزمة التربية التي نتباكى عليها في الصباح ثم نمارس عكسها في المساء. وبعض ليس بالقليل لا يجد مانعاً في أن يكون الرئيس للجميع إلا للمجلس العسكري الذي لا يُنقض له قرار، ليكون مشرعاً وآمراً ومنفذاً. أي خلل في التربية التي يزعم هؤلاء وصلاً بها؟ لقد تعلمنا منذ الصغر أن تكون (روحنا رياضية)، فنرضى بالهزيمة كما نفرح بالفوز. هذه أول سطور التربية التي نربي عليها صغارنا حتى يكبروا ويزدادوا تسامحاً واحتراماً لحق الآخر في الفوز طالما كانت القواعد واضحة والتعليمات معروفة وطالما كان الحكم نزيهاً. أما هذا الصراخ والعويل والشتم والسباب، فهو سقوط مريع ودجل رخيص وممارسة غير مقبولة ولا مبلوعة. وهي في النهاية لن تحقق سوى فرقة وحقد وتخلف. عيب يا جماعة!! [email protected]