كثير من الأزمات الإدارية التي تؤدي إلى سوء الخدمة ومعاناة المواطن تحدث خلف نغمة واحدة مسجلة على أسطوانة مشروخة تقول: (السبب تغير المقاول أو المتعهد)! خذوا مثلًا حالات تكدس أرتال الزبالة في بعض المدن عندما يحين موعد حلول المقاول الجديد محل القديم. الحنكة الإدارية تقول: إن على المتعهد الجديد الاستعداد بكامل قضه وقضيضه لتسلم المواقع (الزبالية) المحددة. وأن عليه توريد (الحاويات) فور سحب القديمة (الخايسة) أصلًا. لكن العرف السائد هو منح المقاول الجديد فرصة زمنية للتحضير والاستعداد والتسلم والتسليم، وهي جميعًا مصطلحات فارغة لا تعني بالنسبة للمواطن سوى الاستهتار وكسب الوقت لتوفير شيء من المال.. ربما بالتواطؤ مع زيد أو عبيد من أصحاب المصالح الخاصة. ونشرت الحياة (26 مايو) خبرًا عن نقص حاد في حقن الأنسولين (الصافي) المخصص لمرضى السكر في مدينة جدة، فكان الجواب جاهز تغيير المقاول، مما يعني تأخر توريد الأنسولين والأدوية الأخرى بالطبع. عذر رديء يدل على بدائية في الإجراءات. هل نطالب المريض بالاستغناء عن هذا العلاج الحيوي حتى يتم نقل عمليات التوريد من فلان إلى علان؟! إنها إشكالية إدارية لا معنى لها، لكنها للأسف حقيقة قائمة لا بد من معايشتها. وأما الإشكالية الأخرى، فتكدس البضائع والحاويات في ميناء الرياض (الجاف)، والسبب معروف ومعلوم هو تغيير المقاول حسب تصريح المسؤول. وهذا التغيير يتطلب (طبقًا للمسؤول) توفير المعدات والطواقم التشغيلية المدربة واعتماد تطبيقات آلية للكشف عن مواقع الحاويات... يعني منظومة من المهام التي ستدخل في باب (تجربة الحلاقة في رؤوس اليتامى) بمعنى أن المطلوب هو منح المقاول الجديد فرصة مفتوحة لتأمين كل هذه المتطلبات (المرهقة)، وليذهب أصحاب المصالح إلى الكورنيش الجديد في الرياض ليشربوا من مائه العذب. صراحة أزمات لا أحسبها تتكرر في عالم متحضر يحسن مواجهة الأزمات قبل وقوعها، وإدارتها بنجاح حين وقوعها، الزبالة في عالم متحضر لا تتكدس إلا إذا أضرب عمالها، والدواء لا ينقطع حتى لا ينقطع رزق المتسبب، والحاويات لا تتكدس بهذه الصورة المخيفة في ميناء جاف ولا (مبلول). [email protected]