آخر أخبار الاستثمار الأجنبي في ديارنا الحبيبة هو ما كشفته الهيئة العامة للاستثمار عن إلغاء 500 ترخيص استثماري أجنبي خلال العام الميلادي المنصرم، وأن المتوقع أن يتم إلغاء 1000 ترخيص هذا العام. وقال أ. محمد الخرس إن الهيئة اكتشفت مستثمرين غير جادين، فالبعض يسعى فقط للحصول على تأشيرة الإقامة الدائمة لا غير. أول تعليق هو أن المعلومات التي جاد بها الأستاذ محمد ناقصة، إذ لم يحدد نسبة هؤلاء من مجموع المستثمرين.. أهي 5%، 1% أم 50%! ولم يذكر أيضاً الأسباب التي تدعو المستثمر إلى البقاء بصورة دائمة في بلادنا دون عمل ولا استثمار! هل هي الطبيعة الساحرة أم الجو العليل أم حركة المرور المنظمة جداً أم بحيرات المسك وغبار الصحراء وبعارين الطرق؟ أما المعلومة الأهم التي أتشوق لمعرفتها فهي عن عدد تأشيرات الاستقدام التي صدرت لهؤلاء المستثمرين! وهل ذهبت كلها إلى دهاقنة المتاجرين بها أم أن الهيئة الموقرة (تداركت) بعضها؟ أنا شخصياً لا ألوم أحدا من هؤلاء المستثمرين الأجانب، ولن ألومهم أبداً طالما سبقناهم نحن إلى هذه الممارسات السفيهة رغبة في ملء أرصدتنا وتضخيم ثرواتنا حتى يعيش الجيل العاشر من أحفادنا في هناء ورخاء. لماذا نعيب على مستثمر كل استغلال فج، ولا نعيبه على أنفسنا؟ هذا إذا استبعدنا فكرة أن للمستثمر الأجنبي شريكاً (وطنياً) يخطط له كل هذه الحيل والألاعيب التي يعجز عنها إبليس نفسه حياء وشيمة، في حين نفعلها نحن بكل فخر واعتزاز، وبلا تردد أبداً. وحتى في قضايا دون ذلك بكثير، لا يجوز لنا الإنكار على وافد ممارسة يعتبرها المواطن جزءاً من روتينه اليومي المعتاد. فقيادة السيارة برعونة أو إلقاء الزبالة في عرض الشارع هو للنموذج الوطني الذي يراه في كل لحظة فلا يساعده إلا على هذه الفوضى وعلى تلك الممارسات الخالية من الذوق والأدب والتعقل. أعود إلى الهيئة العامة للاستثمار مناشداً إياها الشفافية والمصداقية، فهي تحب لعبة الأرقام، وعليها أن تظهر كل الأرقام ولا تكتفي ببعضها دون بعض. [email protected]