لا النظام ولا المعارضة السوريتان مستعدان للاعتراف بأن ما يجري على الأرض، هو حرب أهلية. النظام يصر ومنذ انطلاق الانتفاضة الشعبية على أن ما يحدث مؤامرة دولية، والمعارضة تصر على أن ما يحدث ثورة شعبية خالصة حتى بعد العسكرة وبعد تحول الموقف من التظاهر السلمي إلى الاشتباكات المسلحة التي قضت بسببها، الغالبية الساحقة من ضحايا الأحداث في سوريا. الحقيقة التي لم تعد تقبل الجدال، هي أن ما يحدث في سوريا تحول إلى حرب أهلية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. السلاح أصبح سيد الموقف، والأطراف الخارجية باتت هي صاحبة القرار، وعمليات القتل العشوائي التي يروح الأبرياء من المدنيين ضحية لها، أصبحت علامة من علامات الصراع المسلح. الآن أصبح كل عمل مسلح مشروعا، وكل ما يمشي على الأرض هدفا عسكريا يجب تدميره حتى لو تكلف ذلك إيقاع ما لا يحصى من المدنيين. ألم تعد الغاية تبرر الوسيلة، حتى ولو كانت الوسائل قائمة على القتل أو حتى محصورة فيه؟! ورغم تأكيدات النظام على أنه في طريقه لحسم الصراع، ورغم تأكيدات الطيف المسلح من المعارضة على أن أيام النظام باتت معدودة، فإن الحقيقة على الأرض تتناقض مع ذلك كليا. النظام لن يستطيع حسم المعركة قريبا حسب ما تدل عليه المؤشرات العسكرية والسياسية، والمعارضة لن تتمكن من تحقيق نصر حاسم ضد النظام الذي ما يزال متماسكا رغم كل ما يحدث. ولا أعتقد أن دلالات إسقاط الطائرة التركية من قبل الدفاعات الأرضية للجيش السوري، تخفى على أي من المراقبين. مظاهر الشحن الطائفي، هي دليل حي آخر على أن ما يجري في سوريا تحول الى حرب أهلية. والعامل الذي لا يقل خطرا عن كل ما سبق ذكره، هو وجود حالة من الانقسام والاصطفاف الشديدين في المجتمع السوري نفسه. المجتمع كما هو واضح، لم يحسم خياراته بعد، وهذا في حد ذاته ما سوف يطيل أمد الصراع إلى ما لا يمكن التنبؤ به. لا أجد توصيفا آخر لما يحدث في سوريا، غير أنه حرب أهلية. [email protected]