كثر المتطاولون على أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبلغ بهم الاستهزاء والتطاول حتى وصلوا لله ورسوله – تعالى الله ورسوله عما يقولون علواً كبيراً – فقد أساءوا كثيرا للصحب الكرام، الذين يقول فيهم الصادق المصدوق « لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه» وفي حديث آخر يقول: « لا تسبوا أصحابي، لعن الله من سب أصحابي»، وقد يجمعك مجلس من المجالس مع بعض المتحدثين الذين طمس الله بصيرتهم، وهم من بني جلدتنا (أي ليسوا من الدنماركيين أو الهولنديين)، ولكنهم عرب مسلمون ويشهدون بأن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ويدّعون أنهم مؤمنون وموحدون، ويشهدون أن سيدنا محمدا رسول الله، ويعلمون يقيناً بأن أصحاب رسول الله من المهاجرين والأنصار هم الذين آزروه ونصروه، ولكن هؤلاء المأسوف عليهم يتعرضون لأصحاب المصطفى - صلى الله عليه وسلم – بالسباب، ويصفونهم بأوصاف لا تليق بمقامهم الكريم، ويشتمونهم بألفاظ نابية لا تطلق على الأسوياء من عامة البشر. يا ليت يعلم هؤلاء المتطاولون على أصحاب المصطفى – صلى الله عليه وسلم – إلى من أساءوا؟ لقد أساءوا للصفوة المنتقاة، بل هم صفوة الصفوة، وقد اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه ومصطفاه ليؤازروه، ويناصروه، ويساندوه في السلم والحرب، ونشر رسالته العصماء في أرجاء المعمورة كلها، وقد مدحهم الله في كتابه الكريم في مواضع كثيرة، فوصفهم سبحانه وتعالى بصفات قلما يوجد لها مثيل بين البشر، فغفر ذنوبهم، وستر عيوبهم، ووعدهم الجنة برفقة حبيبهم ونبيهم الهادي البشير، والسراج المنير، الذي يذكرنا في أحاديث كثيرة بعدم الإساءة، أو التطاول، أو التعرض لصحبه الكرام، وبذلك ضمن لهم - صلى الله عليه وسلم - أنهم النخبة على سائر البشر بعد الأنبياء والمرسلين، فلا يصل إليهم تطاول المتطاولين، ولا قدح القادحين، ولا مهاترات الجهلاء من فاقدي الإيمان، مطموسي البصيرة. الكل يعلم أن أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بشر يصيبون ويخطئون وليسوا بمعصومين، ولكننا نشهد بأن كلهم عدول وخير من رافق سيد البشر، فهم الأعلام النبلاء، والمجاهدون الأبرار، والصحبة الأخيار، وهم أهل الدار والإيمان، وهم الذين بذلوا أرواحهم وأموالهم والغالي والنفيس من أجل نصرة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهم الذين مدحهم الله في كتابه العزيز بقوله: « والذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة» { الحشر 9}، وجاء في الحديث في مدح أهل بدر (ومنحهم الجائزة في الدنيا قبل الآخرة) « لعل الله أطلّع على أهل بدر فقال: أعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة، أو فقد غفرت لكم» حديث صحيح. فيا أيها المتطاولون على أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - احفظوا ألسنتكم، وارجعوا إن شئتم إلى قوله - سبحانه وتعالى - واصفا للمستهزئين ومحذرا لهم « قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم»{ التوبة 65/66}. إذن لماذا الإساءة لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أوصاكم نبيكم وشفيعكم يوم القيامة بعدم التعرض إليهم، أو قذفهم، أو الانتقاص من قدرهم العظيم بقوله: « دعوا أصحابي لا تسبوا أصحابي» ، وهم قد ساروا إلى رحمة الله، وليسأل كل واحد منكم نفسه: كيف سيواجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحوله صحابته الكرام على الحوض يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، حيث لا ينفع ندم ولا معذرة، ولا مال ولا جاه ولا ولد، إلا من أتى الله بقلب سليم. نسأل الله الهداية للجميع؟! [email protected] . [email protected]