شواهد فن العمارة القديم مازالت تقف شامخة إلى اليوم في منطقة الباحة. حيث الحصون والقرى الحجرية القديمة التي أظهرت صمودها كشاهد على الفن المعماري بالمنطقة، والحس الهندسي الذي كان يتمتع به الجيل القديم من أبناء الباحة ممّن علّمتهم الفطرة تلك المهنة العريقة التي تنظر من خلالها لبنائهم الدقيق المعتمد فقط على الطين والحجر. كما تدل على طبيعة البيئة التي صنعت هؤلاء المهندسين بعد أن غابوا، وغاب معهم هذا الفن المعماري الأصيل. العمارة القديمة يقول أحد قدامى البناءين: حلت العمارة الحديثة من الحديد والخرسانة مكان العمارة القديمة التي تعتمد على الحجارة والطين والخشب، وبعض أنواع الحديد الخفيفة التي تستخدم في النوافذ والابواب، إضافة إلى أنها تتطلب موهبة ومهارة عالية جدًّا، وقبل ذلك جهدًا كبيرًا. حيث تواجهنا صعوبة تقطيع الحجارة التي تعتبر المادة الاساسية لها في ظل ندرة اليد العاملة. وعن غياب هذه المهنة تحدث عبدالله المفضلي قائلا إن الأسباب كثيرة جدًّا وفي مقدمتها ان المباني قديمًَا كان لها شكل واحد تقريبًا، وإن اختلفت في بعض التفاصيل البسيطة. وتستغرق كذلك وقتًا طويلاً جدًّا حيث تتطلب دقة وحرصًا في البناء، إضافة الى أن الشباب لم يدركوا بعد أو بمعنى أصح لم تصل بهم الحاجة الى العمل في هذا الفن المعماري، وبالتالي لم يدركوا مدى مهارة اجدادهم وحسن استخدامهم للمواد الطبيعية والتكيف مع بيئاتهم الصعبة، حيث انحصر استخدام الحجارة في تجميل المنازل من قبل العمالة الوافدة. أيام صعبة العم صالح الزهراني يقول كانت ايامًا صعبة تلك الايام برغم ما فيها من مواقف لا تنسى، حيث كنا نذهب الى القرى المجاورة، ونقضي عند اصحاب تلك المباني شهرين أو أكثر وهي مدة البناء، حيث يقوم بتأمين السكن وتوفير الوجبات الغذائية وعند نهاية تشييد المباني يقوم بتقديم الكسوة وهي عبارة عن ثوب وشماغ مضيفًا انه بدأ يمارس مهنة البناء وهو لم يتجاوز العشرين من عمره وأول اجر حصل عليه هو ريال الاّ ربعًا لليوم الواحد ثم تطور بعد ذلك حتى وصل من 100 إلى 150 ريالاً. وعن الادوات التي كانت التي كانت تستخدم في البناء قال العم ابراهيم: كانت ادوات بسيطة وهي الفأس والمطرقة والعتلة والخيشة، وتستخدم تلك الادوات في تحريك وتكسير وحمل الحجارة، حيث يقوم المعلم ببناء المدماك وهو الجدار الذي يتراوح عرضه ما بين 1 إلى 1,5 متر لكي يعطي متانة وقاعدة تحمل عالية بعد ان يرتفع الجدار، ثم يردم من الداخل لكي تكون الارض مستوية وتمكن الجدار ليرتفع ويكتمل البناء وتأسيسه. ومن ثم تقوم المجموعة التي معه وتسمى الملقف بتسوية الجدار وسد الفراغات. مبانٍ وأدوار جمعان الزهراني يتحدث عن جانب آخر يتعلق بمحتويات المباني القديمة بمنطقة الباحة حيث قال: تتكون البيوت بمنطقة الباحة من ثلاثة إلى أربعة أدوار، وأحيانًا دور واحد فقط بحيث يسكن البيت عائلة واحدة، ويكون للمبنى طريق يؤدي إلى المدخل الرئيس، ويرتبط مع مباني القرية والاراضي الزراعية وفي بعض الأحيان يكون سطح المبنى ملامسًا للجبل، بحيث يمكن ان يكون هناك مدخل اخر من فوق المبنى، حيث يكون الدور الارضي لمسكن المواشي مثل الابقار والاغنام ويسمى السفل، وكذلك يكون بجوار الدور الارضي من الخارج توثق حيوانات الركوب ضمن سور صغير الارتفاع إضافة الى تخزين الامتعة والادوات وبعض المحاصيل التي تكون ضرورية الاستعمال. اما بالنسبة للمحاصيل الزراعية للحبوب فتخزن في اماكن مخصصة بحيث يكون لكل عائلة مخزن معروف، أما الدور الثاني والثالث فهو عبارة عن المساكن التي يسكنها الأهل جميعًا، بحيث يكون موزع في عدد من الغرف (علية) وصالة كبيرة للتجمع، ومطبخ. بينما يكون السطح المتنفس الذي يكون فيه الالتقاء. لا يطيح ويقول عبدالله الغامدي ان الهيئة العامة للسياحة والاثار اطلقت برنامج «لا يطيح» والذي يهدف إلى إشراك المجتمعات المحلية للمحافظة على المباني التراثية، يمثل سجلاً تاريخيًّا حيًّا يجسد تاريخ المملكة العربية السعودية ووحدتها المباركة، ويعمل على حفظ المواقع التراثية وإعادة بنائها بالشكل الذي يجسد حياة الأشخاص الذين عاشوا فيها. مشددين على ضرورة تفاعل المجتمعات المحلية مع «لا يطيح» لاسيما النشء منهم، وزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على المباني التراثية.