بينما كان المنتخب الإسباني هو الفائز الأبرز داخل الملعب في بطولة كأس الأمم الأوروبية 2012 ببولندا وأوكرانيا، كانت جماهير المنتخب الأيرلندي هي الفائز الأبرز خارج الملعب رغم خروج فريقها مبكرًا من البطولة بثلاث هزائم متتالية. وحصد المنتخب الإسباني (الماتادور) لقب البطولة التي اختتمت الأحد الماضي بتغلبه على نظيره الإيطالي 4-0 في المباراة النهائية للبطولة على الاستاد الأولمبي بالعاصمة الأوكرانية كييف. ولم يصبح المنتخب الإسباني أول فريق يفوز بلقب البطولة مرتين متتاليتين فقط، وإنما نجح في تحقيق إنجاز تاريخي آخر هو حصد ثلاثة ألقاب متتالية في البطولات الكبرى (كأس العالم، وكأس أوروبا) حيث توج بلقبي يورو 2008 و2012 وفيما بينهما بلقب كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا. المدير الفني ومن الصعب تحديد أيٍّ من لاعبي المنتخب الإسباني ساهم بشكل أكبر في تحقيق هذا النجاح؛ لأن كلاً منهم ساهم بقدر كبير بالفعل. ولكن المؤكد أن الفائز الأبرز في الفريق هو المدير الفني فيسنتي دل بوسكي الذي أثار الدهشة أحيانًا، ونال الانتقادات أحيانًا من خلال اختياراته بالنسبة لخط هجوم الفريق، ولكنه أثبت في النهاية أنه كان على صواب. وبدأ دل بوسكي البطولة بلاعب خط الوسط المهاجم سيسك فابريجاس كمهاجم وحيد، ثم عاد للدفع برأس الحربة فرناندو توريس في المباراة الثانية قبل أن يمنح ألفارو نيجريدو الفرصة لقيادة الهجوم في مباراته أمام البرتغال بالدور قبل النهائي للبطولة. وخلال المباراة النهائية، عاد دل بوسكي للاستعانة بفابريجاس في قيادة الهجوم. وصنع فابريجاس الهدف الأول المهم لفريقه من خلال تمريرة ساحرة ورائعة إلى زميله ديفيد سيلفا الذي لم يجد صعوبة كبيرة في مقابلتها برأسه إلى داخل الشباك. ودفع دل بوسكي بكل من توريس وخوان ماتا في وقت متأخر من المباراة، ونجح كل منهما في تسجيل هدف للفريق. سطوع بالوتيللي وفي المقابل، صرخ ماريو بالوتيللي نجم هجوم مانشستر سيتي الإنجليزي والمنتخب الإيطالي بعد مباراة النهائي، وتبدد الحلم الإيطالي. وسطع نجم بالوتيللي في يورو 2012 حيث تألق في مهمته الأساسية التي يفضل وهي هز الشباك. وسجل اللاعب ثلاثة أهداف ساهمت بقدر كبير في بلوغ الفريق المباراة النهائية. جمهور مثالي وبعيدًا عن المستطيل الأخضر، كانت جماهير المنتخب الأيرلندي بين أبرز الفائزين في يورو 2012، حيث نالت الإشادة على تشجيعها ومساندتها للفريق رغم معادلته لأسوأ أداء من أي منتخب في نهائيات اليورو بخروجه من الدور الأول بعد ثلاث هزائم متتالية، وتسعة أهداف في شباكه مقابل هدف وحيد سجله الفريق. ورغم ذلك، قال اللاعب الأيرلندي الدولي السابق روي كين إن هذه المساندة الجماهيرية لم تكن كافية. وأضاف: «كان يجب أن نسعى لتحقيق ما هو أفضل في البطولة، وأن نطلب النجاح». نجاح الاستضافة ورغم الانتقادات العنيفة والمتلاحقة التي وجهت إلى البلدين المضيفين على مدار السنوات القليلة الماضية وحتى قبيل انطلاق فعاليات يورو 2012 مباشرة، حققت بولندا وأوكرانيا نجاحًا رائعًا في استضافة فعاليات البطولة فلم تشهد يورو 2012 مشكلات خطيرة. وكان هذا النجاح بمثابة دفعة هائلة للفرنسي ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي للعبة والذي دافع دائمًا عن قرار منح حق التنظيم المشترك لنهائيات البطولة إلى بولندا وأوكرانيا. مارفيك وبلان خاسران ومن باقي المدربين الذين خاضوا هذه البطولة، كان بيرت فان مارفيك المدير الفني للمنتخب الهولندي ولوران بلان المدير الفني للمنتخب الفرنسي أكثر الخاسرين في يورو 2012، بينما هبطت البطولة بالمدرب يواخيم لوف المدير الفني للمنتخب الألماني من برجه الذهبي. وفشل فان مارفيك، الذي وقّع تمديدًا لعقده قبل فترة قصيرة من انطلاق البطولة، في قيادة فريقه إلى أي نصر في هذه البطولة. ومني المنتخب الهولندي بثلاث هزائم متتالية ليودع البطولة من الدور الأول دون حصد أي نقطة ممّا دفع فان مارفيك إلى الاستقالة من تدريب الفريق. كما أكد لوران بلان أنه لن يجدد عقده مع المنتخب الفرنسي رغم أنه حقق الهدف الأدني الذي وضعه الفريق لنفسه في هذه البطولة. ولكنه لم يمنع بعض لاعبي المنتخب الفرنسي من الحصول على نصيبهم من العناوين السلبية بسبب تصرفاتهم خارج الملعب. صدمة ألمانية أما لوف الذي خاض البطولة من موقع الفتى الذهبي للكرة الألمانية فقد تلقى صدمة كبيرة وأثبتت مباراة الفريق أمام إيطاليا في الدور قبل النهائي خطأ هذا الرأي. وسقط المنتخب الألماني، الذي كان أحد أبرز المرشحين للقب قبل بداية البطولة، في فخ الهزيمة 1-2 أمام نظيره الإيطالي. وواصل الفريق الألماني إخفاقاته أمام الآزوري في المباريات الرسمية، حيث لم يسبق له تحقيق أي فوز على الآزوري في اللقاءات الرسمية. فاشلون مثل كل مرة وأثبتت البطولة مجددًا أن المنتخب الإنجليزي ما زال الفريق الذي يفشل في تحقيق الفوز عندما تصل المواجهة إلى ضربات الترجيح، حيث تعادل الفريق سلبيًّا مع نظيره الإيطالي في الوقتين الأصلي والإضافي لمباراتهما سويًّا في دور الثمانية قبل أن يحسم الآزوري اللقاء بضربات الترجيح. وكانت المرة الوحيدة التي حسم فيها المنتخب الإنجليزي اللقاء لصالحه بضربات الترجيح عندما استضافت بلاده يورو 1996، وأطاح بنظيره الإسباني من البطولة بضربات الترجيح. ويرى المشجعون الإنجليز أيضًا أنهم من بين أكثر الخاسرين في البطولة بعدما حرموا من متعة السفر إلى بولندا، وأوكرانيا لمتابعة فعاليات هذه البطولة القوية بسبب تحذيرات وسائل الإعلام والصحف البريطانية المتكررة قبل البطولة من إمكانية تعرضهم لمشكلات بسبب العنصرية وهو ما لم تشهده البطولة. ومن المؤكد أن يورو 2012 شهدت العديد من الرابحين والخاسرين، ولكن ربما كان الفائز الأكبر هو اللعبة الجميلة التي قدمها عدد من المنتخبات في مباريات عدة وتوجت بالنهائي المثير.