في برنامج «الثامنة» مع داود تعاطت إحدى حلقاته التي بُثّت مباشرة في الأسبوع المنصرم مع هموم وشؤون وشجون المبتعثين من أبنائنا وبناتنا، الذين زهدوا في حياة الدّعة، وضربوا في الأرض ابتغاء العلم، رغم التحديات الكبرى التي عليهم التصدّي لها حينًا، والتكيّف مع متطلباتها حينًا آخر. ورغم أن الحلقة المذكورة تعاطت مع مشكلات الابتعاث في عمومها، إلاَّ أنّها أسقطت الضوء على المعضلة الأكبر، ألا وهي المخصصات المالية التي تُصرف للمبتعثين، والتي منذ أمد ليس ببعيد أخذت في التضاؤل أمام نسب التضخم المتصاعدة، وغلاء المعيشة في بلدان الابتعاث، وقد عرض علينا المبتعثون الذين شاركوا في البرنامج نماذج من صنوف المعاناة، ومنها عدم كفاية مكافأة المبتعث المتزوج لتغطية احتياجاتهم الأساسية، التي منها في بلدان الابتعاث -خاصة أوروبا وأمريكا- الحاجة إلى تأمين أطفالهم في حضّانات مأمونة أثناء أوقات الدراسة، خاصة وأن القوانين في تلك البلدان -ومنها بريطانيا العظمى- تجرّم ترك الأطفال في المنازل بمفردهم، دون رعاية لصيقة، أو وضعهم في حضّانات تُعنى بهم خلال فترة غياب ذويهم في الجامعات.. ويكلف وضع الطفل في الحضّانات من الساعة 9-5 حوالى 750 جنيهًا أسترلينيًّا في أيام العمل، وفي بعض المدن الكبرى ينوف المبلغ عن (900) جنيه إسترليني، أي ما يعادل (80%) من مكافأة الزوجة، إذا كانت مبتعثة وزوجها غير مبتعث. وماذا يبقى من المكافأة؟ أقل بقليل من (400) جنيه!!. أمّا حال الطلاب المبتعثين من الأفراد، فهي أسوأ، خاصة أولئك الذين يدرسون في المدن الكبرى، إذ يواجهون معضلة غلاء الإيجارات، ففي مدن كمانشستر، يورك، نيوكاسل، أدنبرة، غلاسكو، برمنغهام، لا تقل إيجارات الشقق المأمونة عن (700) جنيه في الشهر، 65% من المكافأة، يُضاف إلى ذلك رسوم الخدمات: الكهرباء، والغاز 15% من المكافأة.. ماذا يبقى للمبتعث لتغطية احتياجاته الأساسية: أكل، وشرب، ونقل، و»ترفيه»؟!. المبتعثون السعوديون الأفراد يستدينون في 25 من الشهر الإفرنجي، وربما قبل ذلك، وكثير من أولياء الأمور يحوّلون ما لا يقل عن 800 جنيه شهريًّا لأبنائهم في «بريطانيا»، ناهيك «بكندا»، و»فرنسا». والآن يؤمّل المبتعثون في أرجاء المعمورة أن تفرغ اللجنة المشكّلة لدراسة مكافآت المبتعثين من عملها بسرعة، وترى الأمر لا يحتاج إلى دراسة معمّقة، فالواقع ومؤشراته يكفي، ويمكن الاستنارة بما يُصرف من مكافآت لمبتعثي دول مجلس التعاون: «قطر، الكويت، والإمارات، بل وعُمان» التي بعض مبتعثي تلك الدول يتقاضى ضعف مكافأة الطالب السعودي.. [email protected]