صندوق الاستثمارات ووكالة ائتمان الصادرات الإيطالية يوقعان مذكرة تصل قيمتها إلى 3 مليارات دولار لتعزيز أعمال الشركات الإيطالية في المملكة    40 جولة لتعطير وتطييب المسجد النبوي    فقيه للرعاية الصحية تحقق إيرادات 2.8 مليار ريال في العام المالي 2024 بنمو بنسبة 20% وتسجل صافي ربح عائد 287.6 مليون ريال    وزير الاستثمار يشكر القيادة بمناسبة موافقة مجلس الوزراء على تنظيم الهيئة السعودية لتسويق الاستثمار    ارتفاع إيرادات "السعودية للكهرباء" 18% لتبلغ 88.7 مليار خلال عام 2024م    ما فحوى رسالة زيلينسكي لترمب؟    أمطار غزيرة ورياح نشطة في عدة مناطق.. والأرصاد تحذر من السيول    نائب أمير مكة يقلد عدداً من القيادات الأمنية رتبهم الجديدة    سعود بن نهار يلتقي رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالطائف    ظل ملفوفاً داخل كيس ل 6 أعوام.. استخراج جوال من معدة سجين    في ذهاب ربع نهائي آسيا 2.. التعاون يعود بتعادل ثمين من ميدان تراكتور    في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. ليفربول ضيفًا على باريس    وزير الدفاع ونظيره السلوفاكي يناقشان المستجدات الدولية    رفضت دعاوى التهجير وقدمت بديلًا عمليًا.. «قمة فلسطين» تعتمد خطة عربية لإعادة إعمار غزة    ولي العهد مترئساً مجلس الوزراء: نعتز بخدمة الحرمين    مركز الملك سلمان يدشن سلة "إطعام" بإندونيسيا    حائل: القبض على مرتكبي واقعة تصادم بين مركبتين لخلاف بينهما    14 دبلوماً و74 محتوى و220 مقعداً تدريبياً لتأهيل أفراد العدالة    طارق طلبة مديراً لمكتب «عكاظ» بالقاهرة    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير" التاريخية".. تجديد مسجد الدويد على الطراز النجدي    تكريم الفائزين بمسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن    نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية مترئساً وفد المملكة في القمة العربية: نرفض سياسات الاستيطان والتهجير والمساس بحقوق الفلسطينيين    عمرة بلا معوقات    الشرع ورئيس المجلس الأوروبي يبحثان سبل دعم سوريا    5 نصائح لضبط أعصابك في العمل    ولادة طفل بريطاني بعين واحدة    وفاة" الذراع الذهبية" منقذ ملايين الأطفال    رابطةُ العالم الإسلامي تُرحِّب بقرارات القمّة العربية غير العادية "قمة فلسطين"    الشرقية تحصد خمس جوائز في مسابقة خادم الحرمين لتحفيظ القرآن الكريم في دورتها ال 26    الهلال يسقط في آسيا بعد صمود 321 يومًا    جيسوس: الإصابات أحزنتني أكثر من الهزيمة    محافظ الخرج يستقبل رئيس جمعية العناية بالمساجد وعمارتها "اهتمام"    محافظ الأحساء يستقبل مدير مرور المنطقة الشرقية    انطلاق موسم القادسية الرمضاني.. وجوائز مالية ضخمة تنتظر الفائزين    الأهلي يهزم الريان ويرفع الراس    لجنة الانضباط ترفض احتجاج الوحدة وتغرم مدربه بعد مباراة النصر    التعاون يتعادل والحسم في القصيم    أمير جازان يستقبل منسوبي الأمارة المهنئين بشهر رمضان    لجنة وطنية للتمور بمقر غرفة القصيم    أوكرانيا في مأزق بعد تعليق المساعدات الأمريكية    ضعف المحافظة بسبب هؤلاء!    الفلسفة في ظل التحولات قصة إعمار وإلهام وطنية    سفرة رمضانية في مناوبة ليلية    الغول والكحول يؤكدان أن الفصحى لا تتطور    سفارة المملكة في السويد تقيم حفل إفطار رمضاني    العنزي مشرفاً على الاقتصاد الكلي في وزارة المالية    «الشؤون الإسلامية» تقيم مأدبة إفطار للصائمين بالجبل الأسود    الحكومة اليمنية: تصنيف الحوثي إرهابياً خطوة مهمة لمواجهة التهديدات    الحقيقة !    التسامح.. سمة سعودية !    الكهولة وزمن النادبات    سماء العُلا يعود في أبريل    البشوت النسائية تدخل عالم الموضة وتنافس الرجالية    4 ملايين فحص لنقل الدم بالمناطق    سعود بن نهار يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية في الطائف الإفطار الرمضاني    وزير الدفاع يبحث مع نظيره السلوفاكي المستجدات    أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    قال «معارض سعودي» قال !    









فقه العواقب
نشر في المدينة يوم 29 - 06 - 2012

الإحاطة بفقه العواقب أو ما يسميه الأصوليون (اعتبار المآلات) فقه جليل يحتاج إليه القاضي في أقضيته، والحاكم والمسؤول في قراراته، والمفتي في فتاواه، والداعية في برامجه ونشاطاته، والمعلم في دروسه، والأب في رعاية أسرته، ويحتاجه عموم المكلفين في سائر ما يعرض لهم. وتحتاجه الجماعات والمؤسسات والدول التي تريد أن ترسم طريقها للمستقبل وأن تكون الشريعة هادية ومرشدة لمسيرتها. يحتاج إليه للتمييز بين المصلحة والمفسدة، وما يقع على نظام العدل أو الظلم.
وفقه هذه القاعدة يفصل ما بين التنبؤ الفاسد المبني على الكهانة والتنجيم والعرافة أو الظن المضطرب غير المتوازن، وما بين الفراسة والتوسّم والظن الغالب والتوقع السليم، وفق معلومات ومعطيات وحقائق وتجارب. وحقيقتها الدعوة إلى الاعتدال ما بين رؤية الماضي والحاضر والمستقبل، فإن الإفراط في استحضار الماضي والانغماس في الحاضر يعوق كثيرًا رؤية المستقبل. والفقه الحق متصل بالواقع؛ يفهمه ويبني عليه، ويحسن التوقُّع لمآلاته، ولا يغرق في التنظير المبني على:
- المزاج الشخصي.
- أو التجربة المحدودة.
- أو الخبرة السابقة دون مراعاة لتحوّل الظروف.
ولكنه يصل ما بين القانون الثابت المطلق (الشريعة) وبين وقائع الحياة المتغيرة، فالمجتمعات مكونة من أسر وأفراد، والأفراد متفاوتون عقلًا وجسدًا ونفسًا، والفرد ذاته مزيج من المادة والعاطفة والعقل والروح، وتفاعل الفرد مع الزمان والمكان والحدث أمر مستمر متجدد، فإمضاء الأحكام عليهم ليس عملًا آليًا ولا تطبيقًا حرفيًا، بل هو العدل الذي يضع الأشياء مواضعها.
واعتبار المآل معناه: اجتهاد الفقيه أو المجتهد في توقّع ما تؤول إليه الأفعال والأحكام والفتاوى والمقالات والمواقف.
فهو نوع من دراسة المستقبل والموازنة بين ظاهر الحال، والنص، وبين النتائج المترتِّبة على الفعل أو الترك، وهو مبني على أكثر من نظر:
الأول: معرفة الوضع القائم، وأبعاده، وأسبابه، ومحاولة توصيفه، وتكييفه.
الثاني: ويبنى عليه النظر الثاني في معرفة الحكم الأصلي الملائم بميزان الشريعة، وهو فرع عن الاطلاع على أدلة الشريعة ونصوصها؛ من قرآن، وسنَّة، وإجماع، وعمل الخلفاء والصحابة، ومن قواعد استدلال الأئمة.
الثالث: النظر الطارئ في مدى مناسبة حكم أو حكم آخر غيره؛ لتطبيقه على الواقعة، كما يقول الشاطبي: (إن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو الإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل).
ويتوهّم كثيرون أن المآلات تنفع في سد ذرائع أو إيقاف العمل بحكم ما.. والواقع أن المآلات تنفع في هذا وفي جانب آخر أهم، وهو الحفز إلى أعمال أو بدائل أو برامج من شأنها إغناء الفرد والمجتمع وإثراؤه ماديًا ومعنويًا، وتصريف طاقات الناس وهممهم إلى الجانب الإيجابي الفاعل، بدلًا من الوقوف الطويل أمام الأبواب المغلقة أو المشكلات أو الفرص المؤجلة التي لم يحن أوانها بعد، وهي موضوعة على قائمة الانتظار.
وهذا يعرض في المسائل الفردية والخاصة ويكون الاجتهاد فيه للناظر في المسألة وأحيانًا للمكلف ذاته.
ويعرض بصورة أوسع وأعظم في المسائل العامة؛ كقضايا الجهاد، والاحتساب، والدعوة، والسياسة الشرعية.
فالناظر في واقعة ما لا يكتفي بملاحظة تطوراتها السابقة، بل عليه أن يتأمّل في سيرورتها وصيرورتها وما تؤول إليه من جهة، بمعنى توقع ما سيحدث لها من احتمالات مستقبلية.
وأن يتأمل في تأثير إمضاء حكم ما عليها، وهل سيعالج المشكلة أم يبقيها أم يرسخها ويزيدها؟ وهل ثمَّ حكم آخر يحقق العدل والمصلحة بصورة أفضل؟.
وحين نقول "إمضاء حكم شرعي" نعني من حيث الأصل، وإلا فالشرع خير كله، وهذا ما لا ينازع فيه أحد، غير أن معرفة ما هو الحكم الشرعي بخصوص هذه المسألة مما يختلف فيه، وقد يرى المجتهد الانتقال من حكم إلى حكم آخر، أو إمضاء حكم ما بشروطه.
وهذه النظرات مبناها على الاجتهاد، واجتهاد الفرد فيها مظنة التأثر بظروفه الشخصية وثقافته الخاصة، وزاوية النظر التي يطل منها على المسألة، ومدى اتساع خبرته وتجربته، ومطالعته للمتغيرات أو انعزاله عن ذلك.
ولذا يكثر الخلاف بين الفقهاء والمتفقهين وتتسع الشُّقة، ويلجأ كثيرون إلى اتهام المخالف إما بالغفلة والتقصير عن فهم الحال، أو بالتساهل والتفريط في الحكم..
والنظر الجماعي أبعد عن الزلل، وأقرب للرشد، وأسلم من تدخل المزاج الفردي، أو الاتجاه الخاص، أو تأثير المدرسة والتيار على الباحث، ولذا يحسن أن تكون المسائل العامة محل نظر المجامع الفقهية والمجالس العلمية المتخصصة والسالمة من الضغوط سواء كانت ضغوط حاكم جائر أو ضغوط شباب ثائر، والله أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.