أشار الروائي محمّد المزيني إلى أن الرؤية الانتقاصية للمسرح تمثل أهم عائق أمام تقدم هذا الفن وتطوره، بما وضعه في قاع اهتمامات المجتمع السعودي منسوبًا ذلك لخصوصية مجتمعنا السعودي وحساسيته من تجسيد كل متعلقات المسرح المعروفة على خشبته، لافتًا إلى أن الخليج يعاني من فقر مدقع في مجال الكتابة المسرحية، ولم يجرؤ الكُتاب والمخرجون حتى اليوم على اقتحام هذه التجربة، منتقدًا حركة التجريب التي يقوم بها المسرح السعودي والتي أدت إلى انسلاخه عن ذاتيته والغوص في فضاءات بعيدة تقريبًا عن مسرح الواقع، مبديًا استغرابه من عدم التفات مسرحنا للنصوص الروائية والقصصية واستلهامها على خشبة المسرح تحت مسمى مسرحة الرواية أو الرواية المسرحية، مؤكدًا أن السعوديين يمتلكون أعمالاً روائية جديرة بتمثيلها على خشبة المسرح، كما أن أرفف مكتباتنا تغص اليوم بمئات النصوص الجديرة بالاستلهام والتجسيد على خشبة المسرح، مبينًا أن تبني المسرحيين للنصوص الجيدة سيحل شيئًا من أزمة المسرح لدينا، إضافة إلى أنها ستقدمنا بصورة مختلفة إلى العالم، بدلاً من اللجوء إلى نصوص مسرحية تكاد تكون ملغزة وغير مفهومة في بعض منها، معتقدًا أن هذا دور المؤسسات الكبرى ذات التوجيه العالي مثل الجامعات والأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون، داعيًا تلك المؤسسات خوض غمار هذه التجربة من خلال «مسرحية واحدة» فقط، جازمًا أنها ستكون ممتعة للممثلين والحضور. جاء ذلك خلال الندوة التي قدمها المنتدى الثقافي في جمعية الثقافة والفنون فرع الدمام مساءالاثنين الماضي في قاعة عبدالله الشيخ للفنون تحت عنوان «المسرح الكامن في الرواية السعودية»، حيث أبان المزيني أن النص المسرحي يكتمل وجوده عندما يعرض على خشبة مسرح ويتفاعل بشكل حي ومباشر مع الجمهور، كما أن كل اللحظات في المسرح آنية، تتحقق من خلال المحاكاة وحياته ناتجة عن أن لحظاته، التي تتحقق بواسطة شخصيات تنفعل وتتكلم، وتتحرك، وتتخذ قرارات خاطئة أو صحيحة في حضورنا، وليس عن طريق الحكي (المسرود)، والغائر في الوجدان البشري أن الحكي لا يكون إلا عن شيء حدث وانتهى، ولو من لحظات قليلة». متسائلاً: لماذا رغم وجود هذا الاختلاف التقني يلجأ كتاب المسرح إلى الرواية مع اختلافها عن المسرح، وما الذي يحدث عند تحويل الرواية وهي بناء سردي إلى نص مسرحي يقوم على الفعل، وكيف تتم عملية التحويل.. مبينًا أن هذه أسئلة تحتاج إلى وقفة صارمة ومحددة تكتشف ما وراء الفعل السابق لخشبة المسرح، هل هو التحدي المستبطن لدى كاتب ومخرج المسرح، هل هو سلطة النصوص الروائية، وقدرتها الفذة على إقناعهما بالتعاطي معها. وعاد المزيني للتأكيد على وجوب أن يجرب مسرحنا النصوص الروائية أو القصصية ويحذو حذو بعض الدول الرائدة في هذا المجال التي تعيش ما يسمى بحالة مسرح، إلا أن هذا لا يعفي المسرح السعودي من خوض التجريب وليدخل حيز التجريب الذي يشتغل عليه الآن وليكن تحت مسمى مسرحة الرواية أو الرواية المسرحية، المهم أن تكون لنا لمستنا الخاصة في هذا المجال، فلا أعذار يمكن أن تقدم.