إن نبأ وفاة صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير الغالي نايف بن عبدالعزيز آل سعود هو نبأ حزين وخسارة لا تعادلها خسارة بكل المقاييس لرجل نذر حياته وراحته وصحته خدمة لمليكه ووطنه حتى وافته المنية، لقد كان المغفور له بإذن الله قائدا فذا ورجل دولة من الطراز الرفيع، ضحى بالغالي والنفيس في سبيل رفعة بلاده وتجنيبها ويلات الشرور أو إدخالها في معترك الإرهاب وأفكاره الهدامة، لن ينسى المواطنون ولن ينسى التاريخ أنه واجه أهم الملفات الأمنية طوال فترة توليه وزارة الداخلية منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاما، حيث أخطر المراحل التي مرت بها البلاد منذ حادثة الحرم الشهيرة حتى نخر سوسة الإرهاب البغيضة التي كادت تعصف بأمننا واستقرار بلادنا لولا أن قيض الله رجلا مخلصا مجاهدا في سبيله هو نايف الذي اقترنت مفردة الأمن باسمه، فكم مرة سمعنا الكثير من أبناء شعبه ينادونه نايف الأمن والأمان وهذا ولله الحمد بفضل ما قدم -رحمه الله- لوطنه وألقاب سموه كثيرة قد نحتاج لمئات الكلمات كي نعددها ولكن التاريخ لن ينساها وسيسجلها بمداد من ذهب وسوف تتحاكى اجيال وأجيال قادمة بمآثره الخالدة، فقد كان -رحمه الله- اليد الحازمة التي تقطع دابر الشر وتستأصله من جذوره وهو أيضًا اليد الحانية العطوفة على أبناء وبنات شعبه الذين أكاد أجزم اليوم أنهم يشاطرونني مشاعر الأسى والحزن بفقد هذا القائد العظيم الذي جعل بلاده في مصاف الدول، حيث أصبحت مضرب الأمثال في الأمن والاستقرار وترددت سمعتها في جميع المحافل الدولية، وليس أدل على ذلك من تبوؤ بلادنا مرتبة متقدمة كواحدة من أفضل الدول في جذب الاستثمار الأجنبي والذي أول ما يعتمد عليه توفر الأمن ولله الحمد. والناظر لحال الكثير من الدول بجوارنا وما يعيشونه من اضطراب أمني يعرف كيف أننا في نعمة كبيرة من الله أن كان نايف الأمن هو من تسنم زمام وزارة الداخلية طوال ثلاثة عقود من الزمن أو أكثر ومع كل هذه المسؤوليات الأمنية الجسيمة فهو منبع خير وأعماله الخيرة هي خير شاهد عليه وترؤسه للجان الإغاثة لكثير من الدول العربية والاسلامية «فلسطين وافغانستان وباكستان والبوسنة والهرسك» أكبر دليل. إن الحديث عن أعمال ومنجزات صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز (غفر الله له) لا يمكن حصره ويكفي أن نقول إن سيرة المغفور له - بإذن الله - ستبقى سنين عديدة وستتحدث عنه أعماله وإنجازاته في كل المجالات فهو رجل علم وحكم وزعيم فذ فريد بتوجيهاته وإنجازاته المتعددة والمتنوعة فضلًا عن المجالات الواسعة المعروفة والأعمال الجليلة العديدة التي لا تحصى ولا تستقصى. عزاؤنا لقائد المسيرة وباني نهضة الوطن سيدي خادم الحرمين الشريفين الذي فجع كما فجعنا وتحامل على حجم جرحه بفقد عضده الأيمن ولكن هذه حكمة الله وهذا قضاؤه ولا راد لقضاء الله. رحمك الله يا نايف، رحمك الله يا صاحب القلب الكبير، رحمك الله يا منبع العطاء، رحمك الله يا من أبكيتنا وآلمتنا بمصاب فقدك، وليتها الاعمار تهدى لكنا أهدينا أعمارنا فداء لك ياسيدي، ولكننا نعاهد الله ثم نعاهدك أن نظل على نهجك الحكيم وأن نستمسك بتوجيهاتك السديدة لنا وأن نواصل العمل ليل نهار تحقيقا لتطلعاتك وتنفيذا لرغباتك في أن ينعم كل من يعيش على الثرى الطاهر لهذه البلاد بالأمن والامان والسلامة والاستقرار. * اللواء طيار محمد عيد الحربي-قائد طيران الأمن