لم يكن حبر البيان الذى اصدره الأزهر برفض بناء حسينيات كأحد مظاهر المد الشيعى فى مصر حتى سارع القائم بالاعمال الايرانى مجتبى أمانى إلى الازهر طالباً لقاء الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر.. ما تسرب عن اللقاء كان شحيحاً وما كان معلناً ركز على أنه لم يكن صحيحاً ولا دبلوماسياً كما اراد له الايرانيون. ويبدو أن الغضب فى الازهر والشارع المصرى كان قد بلغ اوجه خاصة وانه خبر بناء حسنيتين شيعيتين احداهما فى القاهرة والثانية بوسط دلتا مصر اعتبر نوعاً من التبجح المحجوج الذى ظن وتكبره أنه ظروف مصر وانشغالها بمرحلة ترتيب البيت من الداخل لن يجعلها تلتفت إلى هذا الخطر الذى يهدد النسيج المجتمعى والعقدى لأهل السنة.. تفاصيل هذا اللقاء بين شيخ الأزهر والمسئول الايرانى العاجلة والصارمة التى اتخذها الأزهر لمواجهة المد الشيعى طغت على هذا الحوار الذى اجرته "الرسالة" مع الدكتور محمود عزب مستشار شيخ الازهر بالإضافة إلى ملف الحوار الذى تولاه الدكتور عزب منذ مجيئة إلى الأزهر من خارج مصر. ردا على المسئول الإيرانى لا شك أن اخبار بناء حسينيات شيعية هى الأحدث وربما الأخطر.. وأعقب بيان الأزهر الرافض للحسينيات والمد الشيعى فى مصر زيارة قام بها القائم بالاعمال الايرانى مجتبى أمانى للازهر ولقائه مع شيخ الازهر نود أن نتعرف على ما جرى فى هذا اللقاء الذى حضرتموه ؟ جاءت زيارة القائم بالاعمال الإيراني فى اليوم الثانى لتصدى الأزهر لمحاولات بعض الشيعة نشر الحسينيات الشيعية فى القاهرة وغيرها من المحافظات المصرية الاخرى وقد وافق شيخ الازهر على لقاء القائم بالاعمال واستمع منه حيث نفى المسئول الإيراني وجود أى علاقة بين ما قيل عن انتشار الحسينيات الشيعية فى مصر وبين السفارة الإيرانية وحاول السفير التأكيد على عدم وجود حسينيات شيعية ولكن شيخ الازهر قدم له الأدلة والبراهين التى حرص على الحصول عليها من مصادرها الاصلية اكد شيخ الازهر على اعتقاده بوجود أياد مغرضة وراء التبشير المذهبي الذي لا يرضي أحدا بعد أن تطور إلي كتابات وكتب وبرامج فضائية تشكك في إيمان سيدنا أبي بكر وعمر ثم سب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها, إلي غير ذلك من الأفكار المستقبحة والتى تدخل فى غطار تشكيك الناس فى سنة النبي صلى الله عليه وسلم وفى صحابته الكرام رضوان الله عليهم وعندما وجد السفير الإيراني أن معلومات الأزهر فى ذلك الشأن وافية اكد من جديد عدم وجود أى علاقة بين ايران وذلك النشاط الشيعي فى مصر ورد عليه شيخ الأزهر بان مصر ترفض التدخل فى الشأن الإيراني الداخلى وكذلك ترفض تدخل إيران فى الشأن المصري الداخلى وأنه يرفض نشر المذهب الشيعي فى مصر مثلما يرفض التبشير بمذهب أهل السنة فى وسط الشيعة مؤكدا له أنه وللأسف الشديد فإن التاريخ يؤكد أن اهل السنة لم يحاولوا أبدا التبشير بمذهبهم وسط الشيعة سواء داخل بلاد السنة أو خارجها فى الوقت الذى يقوم فيه الشيعة بمحاولة نشر المذهب الشيعي فى أوساط المجتمعات السنية وهو امر مرفوض تماما ولن يقف الأزهر أمامه مكتوف الأيدي بل سيتخذ الكثير من الإجراءات شديدة الصرامة ما يحفظ للمصريين مذهبهم السني . محاصرة المد الشيعى وما هى تلك الإجراءات العملية التى سيتخذها الأزهر لمواجهة هذا المد الشيعي ؟ أولا الازهر هو خير حارس للمصريين من محاولات نشر الفكر الشيعي الذى يحاول الدخول من بوابة حب المصريين لأل البيت كذلك فإن لأزهر سيقوم بحماية الإسلام السني ويرفض التطرف والعنصرية والطائفية والمد الشيعي، و سيتصدي بقوة لأي محاولات للاختراق الشيعي للحفاظ على وحدة الوطن وتماسكه و الأزهر كحارس للوسطية لن يسمح بحال من الأحوال بنشر المذهب الشيعي بأى شكل من الأشكال ولابد ان يعي الجميع أن الازهر هو راعى العلم الديني الوسطي وراعى سنة نبي الله صلى الله عليه وسلم ولن يفرط فى ذلك الحق الذى اكتسبه على مدار ما يقرب من الألف عام ومن اهم الاجراءات التى اتخذها الأزهر لمواجهة التبشير المذهبي هو تشكيل لجنة خاصة برئاسة شيخ الازهر وتضم فى عضويتها عدد من مستشارى الشيخ يتقدمهم الدكتور حسن الشافعى إضافة إلى عدد كبير من علماء وقيادات العمل الدعوى والخيري فى مصر حيث ستعمل تلك اللجنة على وضع أسس للعمل الدعوى والخيري لمواجهة محاولات المد الشيعي التى تعتمد فى الأساس على مخاطبة الفقراء فى المناطق السنية الفقيرة والحق أن كل الجمعيات الخيرية الدعوية العاملة فى مصر استجابت لدعوة شيخ الازهر وطالبته بتحديد طرق العمل وعليهم هم التنفيذ لمواجهة محاولات التبشير المذهبي . كذلك سيعمل الازهر على مواجهة الكتب التى تروج للمذهب الشيعي حيث سيعمل على مراقبتها عن طريق مجمع البحوث الإسلامية ومنع نشر أو بيع أى كتاب يروج للمذهب الشيعي إضافة إلى تبنى خطة إعلامية واضحة المعالم توضح للناس الفارق بين حب ال البيت رضوان الله عليهم وبين التطرف فى حبهم بشكل لا يرضاه الله ولا يرضاه نبيه صلوات الله عليه وسلم فالمصريين هم أكثر شعوب الأرض قاطبة حبًا واحترامًا واجلالاً لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ولا يقبلون في ذلك مزايدة ولا احتيالاً هذا بالاضافة إلى عقد لقاءات دورية بين قيادات العمل الإسلامي، والاشتراك في البرامج الخيرية وكذلك العمل على التنسيق بين التيارات السياسية الإسلامية حتى لا تستغل الحركة الشيعية الإنقسامات والشقاقات السياسية لتتوغل فى عقول الناس وتحاول تشكيكهم فى المذهب السني . مستويات الحوار اسمحوا لنا بالاضافة إلى ملف آخر.. لقد جئتم للأزهر لتتولوا في البداية ملف حوار الأديان .. إلى أين وصل؟ أولا لم يعد هناك حوار الأديان وإنما أصبح "الحوار" ، بمعنى ان حوار الأديان كان يركز على الأمور المشتركة في الثقافات والحضارات المختلفة فقط ، أما الحوار الداخلي الإسلامي لم يكن موجود ، لكن منذ تشريف شيخ الأزهر بإسناد هذه المسئولية لي فقد أصبح الحوار موجوداً على عدة مستويات ، المستوى الأول : الحوار الإسلامي الإسلامي ، بحيث أصبح هناك حوار بين أهل المذاهب المختلفة للمسلمين ثانيا الحوار مع المثقفين والمفكرين وأهل الرأي سواء اتفقوا معنا في بعض المسائل الدينية أم اختلفوا، وأيضا الحوار مع غير المسلمين وفى مقدمتهم المسيحيين، وبالدرجة الأولى الحوار مع المسيحين المصرين لأنهم شركاء في الوطن، ثم يأتي بعد ذلك المسيحية العربية، ثم مسيحيي العالم كله. كما إننا نرحب بالحوار مع اليهود المعتدلين ولكن ليس مع إسرائيل ولا مع الصهيونية بأي حال من الأحوال، ولا مع اليمين المتطرف في إسرائيل إلى ان يستقر الشعب الفلسطيني في وطن آمن له، وان يتوقف الاعتداء على المسجد الأقصى، وترد له كرامته، أما منطلقنا للحوار فنستقيه من القران الكريم، والذي يقر مبدأ الاختلاف " ولو شاء الله لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين " ، ويأمرنا ان ندعوا إلى سبيل ربنا بالحكمة والموعظة الحسنة " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم "، و التي تركز على آداب وأخلاق الحوار والاحترام المتبادل، وعدم الاعتداء على حق الآخرين، فالحوار لا يعنى ان نجعل الإنسانية كلها فكر واحد ودين واحد، لان الله سبحانه وتعالى لم يريد ذلك ، وهذه مقدمة عامة للحوار في الأزهر. الحوار متوقف هل لازال الأزهر على موقفه من الحوار مع الفاتيكان؟ نعم ما زال الحوار مع الفاتيكان متوقف للآن ، لكن إذا غير البابا سياسته ومنهجه الذي رفضناه من قبل سنعيد الحوار معه مرة أخرى ، وقد توقف الحوار مع الفاتيكان منذ فبراير 2011 ، حيث صدر عن الفاتيكان العديد من السلوكيات والمواقف والخطابات التي لا يقبلها المسلمون والتي لا تليق بحضارة الإسلام ، والأزهر يشدد على ان هناك فرق بين الحوار مع الفاتيكان والحوار مع المسيحيين لان الفاتيكان دولة والمسيحيين دين كبير في العالم نتحاور معهم في الداخل والخارج ، ونتفق ونختلف معهم بالحكمة والموعظة الحسنة كما أراد الله . صعود الإسلاميين فى اطار الحوار مع مسيحيى العالم هل تلحظون أن صعود الإسلاميين فرض واقعا جديدا فى العالم الغربي؟ وهل مازال هناك تخوف مما أسموه الاسلاموفوبيا؟ هذا الشأن يسال عنه الغرب، ومع ذلك هذا الصعود شرعي باعتراف العالم كله، ولابد ان يعترف به الغربيون كذلك، لأنهم ينادون بالديمقراطية، والخطاب التي ألقته هيلارى كلينتون مؤخرا بالجزائر أكدت فيه ان ما يحدث من تغيرات لائق ولاتخشى منه أمريكا. اما عن الاسلام فوبيا فهو يعنى بالعربية " التخويف غير المبرر من الإسلام"، والذي روجت له أمريكا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة، وانتهى عدوها الأول، فاختلقت هذا العدو الجديد لتخيف الناس منه، وهو ما نحاول معالجته من خلال الحوار الاسلامى المنضبط وبإظهار روح التسامح وتقبل الأخر في الإسلام ، والقيم والمبادئ الإسلامية التي تدعو إلى العلم والرقى والحضارة، هذه هي عوامل المقاومة التي نتخذها في وجه الاسلام فوبيا. بيت العيلة .. ما الجديد الذي يقدمه؟ وما علاقته بمركز الحوار؟ بيت العيلة .. مصري بدرجة مائة بالمائة يهتم بالشأن المصري الداخلي فقط، أما مركز الحوار فهو يهتم بمصر والعالم العربي والعلاقات بالغرب سواء الدينية أو غير الدينية، فلكل منهما رسالة، بيت العيلة له هدفان الارتقاء بالخطاب الديني وإصلاحه ومناقشة مشاكل الطائفية والاحتقان وتحليلها ومعرفة أسبابها وسبل القضاء عليها فعلى مدار 14 قرن من الزمان لم تحدث حرب دينية واحدة، وما كان يحدث من مشاكل طائفية كان مفتعلاً لأسباب سياسية، حيث كان النظام يريد ان يقنع العالم انه الضمانة الوحيدة لأمن مصر. المنابر وأهليتها الخطاب الديني يشوبه بعض العوار ماذا فعل الأزهر للارتقاء به؟ الأزهر له ملفات كثيرة حول إصلاح الخطاب الديني، فهو على اتصال دائم بوزارة الأوقاف وهو دائما يعقد الدورات التدريبية لرفع كفاءة الائمة والوعاظ، وهو ينادى دائما ألا يعتلى المنابر إلا من تكون تكوينا إسلاميا صحيحا واستقى علمه من مصادر الإسلام الصحيحة وهى غالبا الأزهر، والمشكلة ان المشكلات كلها ظهرت مرة واحدة ومصر تحصد مشاكل 30 سنة، فأصبح الأزهر عين هنا وعين هناك، والأوقاف حملها ثقيل وهناك كثير من المساجد والزوايا لا تتبع الأوقاف، وبالتالي الأزهر يناشد الأمة المصرية جميعا ان تسانده، وعلى الأعلام خصوصا دور كبير في المطالبة بالا يعتلى المنابر إلا لمن هو أهل لها . نحن متفائلون كيف ترون مستقبل مصر والعالم الاسلامى بعد ثورات الربيع العربي؟ نحن متفائلون، لكن لابد من فهم الثورات الفهم الصحيح والتي تعنى كما وضحها الأزهر التغيير المجتمعي الشامل وليس تغيير النظام فقط، فالنظام عقبة تزاح حتى ينطلق الشعب إلى التغيير الذي قال به القران الكريم " ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " ولكن الثورة عندما تبدأ تحتاج إلى وقت لاستعادة القيم العليا السليمة التي تم الإعراض عنها في ظل الأنظمة الفاسدة، والتي درج عليها المجتمع الاسلامى بشكل عام والمصري على وجه الخصوص، ونتمنى من الأعلام ان يساهم فى نشر مفهوم الثورة الصحيح لدى الشباب ولدى الأمة كلها.