ربما أن البعض يرى أن ما نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مؤخرًا حول اتفاق اقتصادي مزمع توقيعه بين الفاتيكان وإسرائيل في غضون الأيام القليلة المقبلة يعترف بطريق غير مباشر بسيادة إسرائيل على القدسالشرقية من خلال دفع حكومة الفاتيكان ضرائب على ممتلكات الكنيسة الكاثوليكية في القدس (بشطريها)، وباعتبار أن القدس العربية تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، ربما أن هذا البعض يرى أنه ينبغي التعامل بحذر مع ما نشرته هذه الصحيفة بشأن تلك الاتفاقية خاصة في ظل تأكيد أحد كبار المسؤولين في الفاتيكان بأن الموقف إزاء القدسالشرقية لم يتغير، إلا أن تلك التسريبات أثارت أجواءً من القلق وردود الفعل القوية لدى المؤسسات المسيحية في القدس ولدى الأوساط السياسية والإعلامية في السلطة الفلسطينية في رام الله التي استنكرت مثل هذه الخطوة التي وصفت من قبل المسؤولون الفلسطينيين بأنها خطيرة ومن شأنها أن تشكل تراجعًا في موقف الفاتيكان إزاء الحقوق الفلسطينية في القدسالشرقية غير القابلة للتصرف بموجب القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة المعنية، وأن مثل هذا السلوك من شأنه أن يضيف المزيد من التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين ووضع المزيد من العراقيل أمام عملية السلام المجمدة أساسًا إلى جانب أن توقيت التوقيع على هكذا اتفاق، وفي هذا الوقت بالذات الذي وصلت فيه الانتهاكات الإسرائيلية ضد القدسالشرقية وأهلها تهويدًا لتراثها وميراثها وآثارها ومصادرة لأراضيها وعبثًا بمقدساتها وإبعادًا لسكانها العرب وهدمًا لمنازلهم يعتبر بمثابة تأييد من الفاتيكان لهذه الممارسات والانتهاكات. كما أن صدور هكذا موقف من قبل جهة يفترض أنها مؤتمنة على تطبيق القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، يعتبر بمثابة انحياز غير مبرر إلى جانب دولة احتلال تغتصب حقوق السكان الذين يرزحون تحت ظل هذا الاحتلال، وحيث أنه من المفهوم ضمناً أن القدسالشرقية (العربية) تقع ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة في حرب حزيران 67. تبدو المفارقة من أن هكذا اتفاق - لو تأكد فعلاً- فإنه سيتعارض مع الدعاوى التي تتزايد لدى دول الاتحاد الأوروبي التي تدعو للمقاطعة الأكاديمية وحظر شراء بضائع المستوطنات الإسرائيلية تضامنًا مع الحقوق الفلسطينية.