تعرفت على د. أبو بكر منذ خمس سنوات، وأصبحت تربطنا علاقة عمل وطيدة، ولا يكاد أن تمضي أيام قليلة دون زيارتي بمكتبي لنتجاذب أطراف الحديث، وذات يوم وخلال إحدى زياراته اضطررت لإرسال رسائل نصية وإلكترونية وأيضًا التحدث عبر الجوال، فابتسم صديقي معلقًا على ذلك وقال: «لقد أصبحت الرجل المُتعب في زمن الراحة»، لقد سخرت لنا هذه التكنولوجيا لراحتنا ولكنها أصابتنا بالإعياء، فأجبته صدقت فقد أصبت كبد الحقيقة. تذكرت صديقي وأنا أجوب شوارع مدينة جدة وكيف أصبح الإفراط في استخدامات الجوال سواء بالتحدث أو تبادل الرسائل النصية أو الإلكترونية سمة الأغلبية للفئات العمرية المختلفة خلال قيادتهم لسيارتهم، فقد باتت هذه التكنولوجيا تمثل تهديدًا لسلامة الآخرين بسبب التشتت الذهني الذي يصيب من يجلس خلف عجلة القيادة، مما يؤدي إلى وقوع حوادث مرورية مروعة، فقد أشارت دراسة أعدت من قبلNational Highway Traffic Safety Administration أن هناك (1.6) مليون حادث مروري تشهدها الولاياتالمتحدةالأمريكية سنويًا ترجع أسبابه إلى استخدام الهاتف الجوال أثناء فترة القيادة وهي تمثل ما نسبته (28%) من إجمالي الحوادث المرورية هناك، ليس ذلك فحسب، بل ارتفعت من (10%) في عام 2005 إلى (16%) في نهاية عام 2009، وقد شملت الدراسة الفئة العمرية (15- 19) عامًا وهم يمثلون (46%) من إجمالي قائدي السيارات يعانون من هذا السلوك المدمر، وإدمان تداول الرسائل أثناء القيادة. الإحصائيات العالمية والأبحاث التي أجريت بهذا الصدد والأضرار التي بدأنا نلمسها من مخاطر استخدام تلك التكنولوجيا أثناء القيادة في ازدياد مستمر، فقد ذكرت إحدى الصحف المحلية أن ما نسبته (71%) من إجمالي الحوادث المرورية بالمملكة يقف وراءها استخدام الجوال أثناء القيادة. لا شك أن تلك التكنولوجيا سخرت لنا لراحتنا ورفاهيتنا وتسيير أعمالنا في سهولة ويسر، فهل تحولت من نعمة إلى نقمة وخطر يهدد أرواحنا ومستقبل شبابنا؟!. همسة: لقد أصبحت هناك حاجة ماسة لوضع أنظمة وقوانين أكثر صرامة لإيقاف هذا السلوك المدمر أثناء القيادة حفاظًا على أرواحنا وأرواح أبنائنا والحيلولة دون وقوع المزيد من الحوادث المرورية المروعة. [email protected]