سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الديمقراطية.. استحقاق مصر الأكبر
إذا كان الغرب قد احتاج إلى قرون طويلة للوصول إلى جوهر الديمقراطية، فهل ستحتاج مصر لنفس المدة لتحقيق مشوارها الديمقراطي؟
حتمًا نحن على أعتاب ألفية جديدة عنوانها الرئيس «الديمقراطية»، ألفية تتشكل ملامحها يوما بعد يوم، وتتخلق ذهنيتها ساعة بعد ساعة، وهو أمر يمكن ملامسته على امتداد مشهدنا العربي، لكنه في مصر اليوم أوضح، حيث بات مشهدها السياسي مكتنزا بكثير من الرؤى والأفكار حول كثير من الاستحقاقات السياسية القائمة، التي يأتي على رأسها استحقاق الديمقراطية الأكبر المتمثل في المرحلة الثانية من انتخابات الرئاسة بين الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق، واستحقاق تعيين الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، الذي أثار لغطا كبيرا، وتفتق عنه نقاش محموم بين قوى مصر المدنية والإسلامية، ناهيك عن ترقب المصريين اليوم لقرار المحكمة الدستورية في موضوع قانون العزل السياسي، ومدى شرعية البرلمان المصري. هذه بعض ملامح العنوان الرئيس لألفيتنا الجديدة والسؤال: هل وعى إخواننا في مصر حقيقة ومقصد الفعل الديمقراطي؟ على أن السؤال الأهم أيضا هو: إذا كان الغرب قد احتاج إلى قرون طويلة للوصول إلى جوهر ما وصل إليه من ديمقراطية، ترتكز على مبادئ الحرية والعدالة والاختيار، وتستند على قانون العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم، فهل ستحتاج مصر الجديدة إلى نفس المدة لتحقيق مشوارها الديمقراطي؟ لا أتصور أن ذلك سيكون إذا ما أدرك المصريون أن البداية الفعلية لتحقيق مشروع النهضة السياسي، يكمن في التخلي ذهنيا وماديا عن الإيمان بذاتية القائد الفرد، والشخصية الرمز، الفرعون القادر على أن يصنع التغيير ويقود المركبة بقدراته وذاتيته المتفردة، دون أن يكون لأحد الحق في مراجعته أو مواجهته، حين يتمكنون من التخلص عقليا من شخصية الرئيس الشمس، لصالح الرئيس المؤسسة والقرار المؤسسي، سيتمكنون من ولوج عوالم الألفية الجديدة بعنوانها الجديد أيضا بقوة وثبات حقيقيين. وما أجمل أن نتذكر ونحن نعيش هذه الحالة من الانتعاش السياسي خطاب الحاكم الأول للمسلمين إلى الأمة حين قال: «أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم». إنها حقا مفاهيم السلوك الديمقراطي التي ننشدها، والتي وعاها الغرب حقيقة، فبلغ ما بلغه من تطور ونماء، ولم تنحبس أذهانه وهو يختار فرانسوا أولاند ليرأس الجمهورية الفرنسية عند أسئلة سخيفة أو مظاهر جوفاء، لكون الذي سيحكم ليس أولاند الشخص وإنما أولاند المؤسسة، فهل يعي المصريون ذلك؟! [email protected]