في الأسبوع الماضي شاركت بمنتدى «المسؤولية الاجتماعية» برعاية الغرفة التجارية الصناعية بجدة، وقد أثار دهشتي وحرّك ذهني الشركات المحلية التي بدأت تهتم بالمسؤولية الاجتماعية، وخلال يومين عرضت المنشآت استراتجيات لعمل الخير والاستدامة له، فجرفني الحنين إلى سنين بعيدة وفرحت أن أهل بلادي وتجارها وصناعها وبيوت أموالها يُفكِّرون في بناء الإنسان، ويُشاركون الدولة تطلعاتها، كانت تجارب المنشآت والبنوك أجمل ما سمعت.. أجمل من عشرين شمسًا. كنت أغوص في مقعدي يأسرني إحساس بامتلاء هادئ وشعور سحري منعش إلى أقصى درجات الانتعاش، كانت فرحتي تكمن في أن مفهوم «كيس الأرز والسكر» قد تلاشي في بلادي، وأن القائمين على المنشآت بدؤوا يُفكِّرون في بناء الأسرة وتمكينها، بدوافع إنسانية ومبادرات ذاتية وراء رغبتهم في الخير، تلك الروح التي تجمعهم وتدفعهم إلى التعاون في إنجازات متطلبات الاسرة المحتاجة، هي حالة تستحق الإعجاب والتقدير والثناء.. ليس الهدف الأساسي لملتقى المسؤولية الاجتماعية تفاخرًا بالإنجاز لكنه وسيلة لإيصال قضايا في غاية الأهمية ودفع المؤسسات والشركات والأفراد للإحسان والمساهمة في بناء المجتمع، فهذه المنشآت توفر وظائف لأبنائنا للعمل فيها، وتتسابق لفعل الخير ونثره في كل مكان.. فلنبسط أيدينا، فديننا الحنيف يحثّنا على الإحسان، وجدار العمر قصير. سألني ضيفًا مشاركًا من ألمانيا بورقة عمل، هل القروض لمشروعات الأسر المنتجة بدون فوائد في بلادكم.. ثم تمتم البروفسور الألماني أن جمال المملكة في أمنها ومجتمعها الخيري المعطاء؟ وسأل: هل حقًا تلك المنشآت سعودية!! قالها وسكت فجأة.. كنت مبهورة وأنا أستمع إليه وهو يتحدث، فقد شعرت بعاطفة قوية في كلامه.. افترسني ضيق مخيف وتمتمت في سري وسألت نفسي: لماذا الشك في أهل بلادي؟ واكتفيتُ بهزة صغيرة من رأسي وأنا أنظر إلى السماء وأقول: الحمد لله أنها شركات سعودية، نعم إنها سعودية. [email protected]