لعله كان يفكر في خوض غمار العمل الدبلوماسي عندما التحق – بعد تخرجه من الجامعة – بوزارة الخارجية في السبعينات من القرن الميلادي الماضي . ولكن يبدو ان "ناصر بن عقيل الطيار" الشاب الطموح المتقد آنذاك لم يجد بغيته في العمل الحكومي بما يتواءم مع تطلعاته المستقبلية وميوله الخاصة وتكوينه الفكري والنفسي ، ولعله اكتشف في مرحلة مبكرة من عمره أن العمل الحكومي الروتيني لا يتناسب مع مايريده ، وما يطمح اليه ، فما لبث أن اتخذ قراراً حاسماً - وقبل أن ينهي سنة في العمل في وزارة الخارجية - ليبدأ الخطوة الاولى في رسم طريقه وتحديد مساره في الحياة . وبالرغم من أن العمل الحكومي في تلك الفترة كان جاذباً للشباب لتميزه بتأمين الاستقرار المهني في ظل تيسر عوامل المعيشة الاّ ان بوادر جاذبية القطاع الخاص والعمل الحر قد لاحت في الأفق مع بداية النهضة التنموية في المملكة التي عاصرت توالي خطط التنمية الخمسية والتي فتحت الباب على مصراعيه للطموحين من المواطنين وخاصة الشباب لخوض معركة العمل الحرّ ، برغم عدم اكتمال العوامل المساعدة لمثل ذلك ، فلم تكن قد صيغت الانظمة واللوائح والتعليمات المناسبة من قبل الحكومة ، ولم تكن تتوفر حينها التجارب المشجعة للشباب الجدد ، ولم تتوفر بعد أساليب و وسائل الدعم المالي المتمثلة في برامج الإقراض والتمويل لتأخذ بأيدي اولئك الذين لا يملكون رأس المال كعنصر أساسي من عناصر الانتاج . ومع وجود مثل هذه العوائق الرئيسية فقد ثبت الجادون ممن يملكون الرؤية الجيدة والارادة القوية من الشباب وكان من بينهم "ناصر الطيار" الذي تمكّن من وضع اللبنة الأولى في صرح آماله وأعماله وخطا خطواته الاولى بتأنٍّ وتؤدة وتدرج منطقي ساعده على بناء مؤسساته وتمكن من تحقيق آمال وطموحات شاب السبعينات لتتحول إلى إنجازات عملاقة توالت على مدى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن . مادفعني للكتابة عن الدكتور "ناصر الطيّار" كنموذج ناجح لرجال الاعمال الطموحين هو تعيينه مؤخراً رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة المدينة الصحفية العريقة ، ولكوني أعرف الرجل عن كثب ، فأود أن أؤكد أن مقالي هذا عنه ليس من سبيل المجاملة ، ولا يحمل في طياته - على الاطلاق - أي غرض خاص ، ولكنني أؤمن كثيراً بأهمية الوقوف على تجارب الناجحين من الأعلاَم على مختلف أطيافهم ، ومن أولئك بطبيعة الحال رجال الأعمال ، وخاصة من تركوا منهم بصمات واضحة في مسيرة التنمية الوطنية أو في حقول الأعمال الخيرية والخدمات الإنسانية والاجتماعية . وما أعرفه عن ناصر الطيار من المساهمات الايجابية والخيرة ، والتي قد لا يريد هو أن يسلط عليها الضوء ، كثيرة ومشرفة شأنه في ذلك شأن الخيرين من رجال الأعمال في بلادنا الذين ساهموا مساهمات فاعلة في إطار واجبهم الوطني والانساني . ختاماً أبارك للدكتور ناصر هذه المهمة الجديدة المضافة إلى مهامه الكثيرة ، وأبارك لمؤسسة المدينة الصحفية العريقة اختيار شخصية غنية عن التعريف لقيادة مجلسها ، وأتمنى لها وله التوفيق والسداد . * سفير بوزارة الخارجية