بعد أسابيع قليلة يلتقي في البرازيل زعماء دول العالم في قمة اقتصادية تحت شعار " التنمية المستدامة ".. تعقد القمة في مدينة ريو دي جانيرو في الذكرى العشرين للقمة الاقتصادية الأولى التي عقدتها الأممالمتحدة في المدينة ذاتها مما حدا بالأمين العام للأمم المتحدة إلى وصف هذه القمة بأنها عودة إلى المستقبل. تحديات ريو تتمثل في التزايد السكاني العالمي حيث بلغ عدد سكان المعمورة أكثر من سبعة مليارات من البشر مع تعرض المصادر الطبيعية للأرض من مياه وغابات وغلاف جوي إلى الاستنزاف والتلوث والاستهلاك الجائر، فمن ناحية لا يمكن للعالم أن يستمر في نمط حياتي يعيش فيه البعض ترفاً وهدراً فائقين في حين يرزح مئات الملايين تحت وطأة الفقر المدقع والعجز أمام الأمراض والحروب وأشكال حديثة من الاستغلال والقهر والاستعباد، ومن ناحية أخرى لم يعد مقبولاً أن تنظر كل دولة إلى احتياجاتها التنموية بشكل منفرد ومنعزل عن تأثير قراراتها واختياراتها على الآخرين لأننا جميعاً نعيش في كوكب واحد يظلنا غلاف جوي واحد وترتبط فيه بحارنا ومحيطاتنا بل ومصائرنا بعضها ببعض برباط وثيق لا انفصام له. في ريو سوف تسعى الدول النامية إلى أن تبين أن الحديث عن الاستدامة البيئية لا يمكن أن يكون سابقاً في الأولوية على تحديات القضاء على الفقر والأمراض الفتاكة وتأمين حاجة الشعوب للغذاء والمياه النظيفة للشرب والرعاية الصحية خاصة للأمهات والأطفال.. وفي ريو سوف تسعى الدول المتقدمة إلى بيان وحدانية البيئة الكونية وأن التنمية لا يمكن أن تحقق أهدافها إذا ما أغفلت عنصر الاستدامة أي مراعاة الجوانب البيئية.. عندها سوف تجيب الدول النامية بأن هذا سوف يستوجب على الدول الصناعية أن تبذل جهداً أكبر وتخصص نصيباً أوفر من قدراتها المالية والتقنية لمساعدة الدول الأقل نمواً على تحقيق أهدافها التنموية مع مراعاة عنصر الاستدامة، وساعتها تجيب الدول الصناعية بأنها لا تستطيع أن تفعل أكثر مما تقوم به الآن لأنها تمر بأزمة مالية طاحنة ولأن على الدول النامية أن تحسن من وسائل استخدامها لما يقدم لها من معونات وأن تحارب الفساد والمحسوبية في أنظمتها قبل المطالبة بالمعونات الخارجية. هل تنجح قمة ريو؟ في ظني أنها لا بد أن تنجح فالعالم لا يستطيع أن يتحمل نتائج إخفاق فرصة تاريخية كهذه, ولا شك أن هذا الحوار مهما بدا ملتهباً ومشحوناً بالعواطف والإرث التاريخي للعلاقات بين الشمال والجنوب إلا أنه يعبر عن وعي وإدراك لترابط المصير العالمي وعن علاقة جديدة أكثر ندية وجدية بين الطرفين. فاكس : 02/6901502 [email protected]