تركوا منازلهم ركضًا وراء «الفلة»، وخلف العبارة الدارجة «عيش يومك»، هكذا يشترك العديد من الشباب وإنّ كان دون اتفاق بينهم، ولكن هو الواقع الذي تشهده يوميًا كثير من المقاهي المتناثرة على جنيات الشوارع العامة، فمع اختلاف الدوافع نجد الكثيرين قد ذهبوا إلى هناك. فبعض الشباب يفضلون المقاهي من أجل الاستمتاع بمشاهدة مباريات كرة القدم والإثارة التي تخلفها المشاهدة هناك، ولعل الابتعاد عن الضجيج المنزلي في بعض الأوقات يكون دافعًا للبعض أيضًا، أما ما يطلق عليهم «هواة الهدوء» فقد يتخذون من المقهى أو «الكوفي شوب» مكانًا للابتعاد عن هموم الالتزامات العائلية والذي يمكنه من احتساء المشروبات والاستمتاع بالجلوس لبعض الوقت في هدوء تام، كما أن لصغار السن حظًا وافرًا في الذهاب إلى المقاهي، حيث يعمد بعض المراهقين للذهاب إلى هذه المقاهي من أجل الاستفادة من خدمات الإنترنت؛ نظرًا لتوفرها مجانًا داخل المقاهي، مما يعزز من فرص التردد بشكل متواصل على «الكوفي شوب». تقنين الوقت يقول الباحث الاجتماعي وعضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الدكتور محمد سعيد الزهراني: إنّ مثل هذه الأماكن أصبحت ضرورة حتمية في الوقت الحالي خصوصًا في ظل الأماكن المحدودة المستقطبة لفئة الشباب، لا سيما في الأعمال التطوعية كما أن هذه الأماكن يأخذ البعد الترفيهي فيها حيّز كبير، وأضاف الزهراني أن الراحة وتوفر الخدمات الموجودة في المقاهي تساعد كثيرًا في جلب الشباب إليها بالإضافة إلى تواجد الأصحاب مما يوجد ألفة في داخل النفس، وحول التأثيرات الأسرية على المكوث لفترات طويلة في المقاهي قال الزهراني: إنّه من غير الجيد البقاء داخل هذه الأماكن فترات طويلة، وذلك لأنها أماكن ترفيه وترويح عن النفس فلا يجب أن تكون ملهاة عن الأسرة وعن القيام بواجباته، بالإضافة إلى المسؤوليات الأخرى تجاه مجتمعه، فالمنطقي هو عدم قضاء أوقات طويلة في هذه الأماكن. وشدّد الزهراني على أهمية الوقت، مؤكدًا أن إحساس الشباب بقيمة الوقت هو الذي يدفعهم للبحث عن أشياء مفيدة لهم ولمجتمعهم. وحذّر الزهراني من أن مجالسة الأصدقاء في مثل هذه الأماكن لساعات طوال قد يفضي إلى اكتساب عادة سيئة منها التدخين ولذلك نجد والحديث للزهراني أن أغلب المقاهي يوجد بها مناطق للمدخنين ولا يوجد مناطق خاصة بنظرائهم من غير المدخنين مناشدًا الشباب إلى ترك هذه العادة السيئة. نهاية الأسبوع أما عن رأي الشباب الذين اعتادوا المقاهي، فيقول أسامة سالم: إنّه يقضي يوميًا ما يقارب الساعتين داخل الكوفي شوب يوميًا وذلك لقضاء وقت الفراغ مع الأصدقاء، وتطول بطبيعة الحال فترة المكوث داخل الكوفي أثناء الإجازة الأسبوعية، حيث يوجد الأصدقاء بشكل أكبر، وعن الدوافع التي تدفعه للتردد بشكل متواصل على الكوفي شوب يقول أسامة: إنّ جمعة الأصدقاء والألفة التي تكون بمعيتهم هي الدافع الأكبر لذلك. ويرى نبيل البلادي أن التردد على مثل هذه الأماكن العامة يجب أن يكون مقننًا وفي مناسبات معينة، حيث أن التردد بشكل مستمر وفي فترة متقاربة أمر غير جيد حيث يسمح الذهاب إلى مكان محددة بشكل متواصل بتسلل الملل إلى النفس، حيث أن تخصيص أوقات معين كالإجازة الأسبوعية يجعل للذهاب إلى هذه الأماكن متعة خاصة، ويعاني نبيل من عدم وجود أماكن مخصصة لغير المدخنين بشكل واضح في المقاهي، حيث إنّ سطوة المدخنين في المقاهي هي الأكبر. ويشير عبدالرحمن ممدوح إلى أن الكوفي شوب هو مكان يمكن من خلاله البعد عن روتين المنزل والالتزامات العائلية والعيش دون ارتباطات لبرهة من الزمن.