من الإنجازات التي يسعى معالي وزير الصحة إلى تحقيقها ما أسماه التطبيب المنزلي، ويقصد به نقل المرضى الذين يحتاجون إلى عناية طويلة المدى إلى منازلهم شريطة أن لا تتعرض حياتهم للخطر. طبعًا الهدف الأسمى توفير أسرّة لمن هم في حاجة أكبر. اليوم تتيح الشبكة العنكبوتية فرصة أخرى للعناية من المنزل. إنها فرصة التطبيب عبر الإنترنت دون الحاجة إلى الذهاب إلى المستشفى جيئة وذهابًا، مع خفض رسوم الطبيب الذي لن يحتاج هو الآخر في المقابل خدمات الاستقبال والممرضة والمكان على النحو المعتاد. وطبقًا لأهل الخبرة، فإن هذه الآلية تعد تحولًا جذريًا في الرعاية الصحية الأولية بدءًا بتخفيف الازدحام حتى على مراكز الرعاية الأولية وانتهاء بالحد من ارتفاع رسوم الكشف المتصاعدة باستمرار حتى في المملكة. لكن في المقابل ما زالت النسبة الأعظم من المرضى غير واثقة في هذه الآلية، حتى ان رئيس أكاديمية طب الأسرة في الولاياتالمتحدة يقول: (إن إعطاء نصيحة طبية عبر الشبكة أو الهاتف مناسب فقط عندما يكون المريض على صلة مسبقة بالطبيب)، لكن الأرقام تبشر بنمو هذا التوجه على الأقل في الولاياتالمتحدة، إذ سينمو هذا القطاع إلى أكثر من 27 مليار دولار بحلول عام 2016م طبقًا لبعض المؤسسات البحثية المتخصصة. تصوروا لو أن هذه الآلية انتشرت بشكل كبير، فعبرت الحدود الجغرافية ليكون بوسع مريض في أحد القرى النائية الاتصال بطبيب في الرياض أو جدة لتلقي النصيحة الطبية المناسبة دون الحاجة إلى قطع المسافات أو عمل حجوزات. وتصوروا لو أن مريضًا في الطائف ينال استشارة من طبيب حاذق في شيكاغو أو مايو كلينك عبر الإنترنت عقب تزويد الطبيب بصورة من التحاليل والأشعة وغيرها. وتصورا لو أن هذه الاستشارة الطبية مقرونة بالتطبيب المنزلي أصبحت الأصل في ثقافتنا المجتمعية، فكيف سيصبح حال مستشفياتنا عندئذ؟! ستكون خالية إلا قليلًا! وستتفرغ عندها مستشفياتنا للعمليات الجراحية والقضايا الكبيرة والحوادث المرورية والعرضية الخطيرة. عندها ستنخفض زحمة المراجعات المكرورة بصورة حادة، خاصة تلك التي تزدحم بها عيادات الطوارئ من أمثال المغص والسخونة والصداع وغيرها. عالم يتغير بسرعة.. أليس كذلك؟! [email protected]