سجلت مصر مساء أمس الأول فصلًا جديدا في تحولها السياسي، حيث أجريت مناظرة تليفزيونية هي الأولى في الشرق الأوسط بين المتنافسين في الانتخابات الرئاسية الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى والقيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين الدكتورعبدالمنعم أبو الفتوح، وصفت بالتاريخية وغير المسبوقة، وسعى المرشحان لاستقطاب الناخبين الذين ما زالوا في غالبيتهم مترددين في تحديد الشخصية التي ستتبوأ منصب الرئيس بعد الثورة. حاول موسى وأبو الفتوح إظهار القدرة على ترجمة الأفكار والرؤى التي تتضمنها برامجهما الانتخابية واستمالة شريحة واسعة من المصريين المترددين في خياراتهم الانتخابية، حيث بدا الدبلوماسي المخضرم هزيلا وأكثر عصبية فيما بدا الطبيب أكثر شبابًا وتفكيرًا في أفكاره، وأعطى المرشحان دقيقتان لإلقاء كلمة افتتاحية، ومن ثم منحا دقيقتان للإجابة عن 24 سؤالًا طرحتها عليهما الإعلامية منى الشاذلي في الجولة الأولى، والإعلامي يسري فودة في الجولة الثانية، وتخللتها أسئلة حرة من قبل كل مرشح للآخر بعد كل ثلاثة أسئلة وجهت إليهما من قبل المنظمين. تبادل المرشحان تصريحات يمكن وصفها ب «العنيفة والقاسية» تجاه ماضي وتاريخ العمل السياسي لكل منهما، في إطار استعراض البرنامج الانتخابي، من خلال الإجابة عن الأسئلة الموجهة إليهما، وكذلك حق كل مرشح في توجيه ما يشاء من أسئلة للمرشح الآخر. حاول كل مرشح خلال المواجهة التي استمرت لساعات الفوز بثقة الناخبين، خاصة هؤلاء الذين لم يحسموا أمرهم بعد في اختيار مرشحهم. واستهل أبو الفتوح المناظرة قائلًا: يجب الاعتراف بأنه لولا شباب مصر والشهداء لما كنا وقفنا في هذا الموقف، مؤكدًا التزامه بتحقيق أهداف ثورة 25 يناير تحت شعار «عيش حرية عدالة اجتماعية». بينما قال موسى: نستهدف قيام دولة يطمئن فيها كل مواطن إلى أن الدولة تسير نحو التقدم والاستجابة لمتطلباته ويحترمها العالم وتعود إلى ريادتها من دون تفرقة بين المواطنين. وبينما بدت مواقف المرشحين متقاربة فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن إجابات أبو الفتوح استندت بشكل خاص على شعارات ثورة 25 يناير، بينما جاءت إجابات موسى متوافقة مع شعار بناء الدولة، الذي يشكل الركيزة الأولى في برنامجه الانتخابي، وكان لافتًا أن المرشحين سعيا إلى تصويب سهامهما كل منهما باتجاه الآخر، وذلك من خلال تذكير كل منهما بماضي الآخر. «فلول» مقابل الولاء للمرشد سأل أبو الفتوح موسى عن انتمائه إلى النظام السابق، فجاء رده هادئًا إذ قال عندما سقط النظام سقطت كل رجالاته، وأنا خرجت من الحكومة قبل ذلك بعشر سنوات، مذكرًا بما قاله بعد اندلاع ثورة تونس، وقبل اندلاع ثورة 25 يناير، في أحد اجتماعات الجامعة العربية، بأن على الأنظمة أن تلبي تطلعات الشعوب كي لا يحدث الانفجار. وكان واضحًا أن أبو الفتوح قد اتخذ موقفًا دفاعيًا في مواجهة أسئلة موسى، بينما اعتمد الأخير أسلوبًا هجوميًًا في الرد على الأسئلة المقابلة، وبرز ذلك بشكل خاص عندما أثار أبو الفتوح مسألة انتماء موسى للنظام السابق، فكان رد الأخير بأن المزايدة والمبالغة ومحاولة تحميل المسؤولية ليست في محلها، فأنت مثلا كنت تدافع عن الإخوان المسلمين وليس مصالح مصر. سلطات الرئيس قال عمرو موسى معلقا على صلاحيات الرئيس للنهوض بالبلاد ''رئيس الدولة الجديد لن يكون رئيس السلطة القضائية في وجود البرلمان ولن يكون له سلطة من سلطات التشريع، فهناك فصل في السلطات بحسب الإعلان الدستوري الجديد ولم تكن تلك السلطات في دستور 1971 وبدأنا تحديد هذه السلطات''. بينما قال أبوالفتوح ''الصلاحيات الخاصة بالرئيس تتوقف على النظام السياسي، ولقد أعلنت أنني مع النظام الرئاسي البرلماني وليس الرئاسي الذي نادى به آخرون، وهدفي هو أن تكون اختصاصات رئيس الدولة محدودة، لأن النظام الرئاسي اختصاصاته أكثر''. مستقبل «الفلول» وسألت ''الشاذلي» ما مواصفات رجال الدولة الذين ستعتمدون عليهم في إدارة شؤون الرئاسة؟. عمرو موسى.. الإعلان الدستوري يقول ان الرئيس لديه الحق في تعيين نائب أو أكثر، ومن الضروري أن يتم تعيين نائب وذلك سيتم وشرحته في برنامجي ورؤيتي التي عرضتها والتي تحتاج بالضرورة لأهل الخبرة، فلقد عانينا في النظام الماضي بسبب أهل الثقة. وأضاف موسى.. معياري ان يكون نوابي من أهل الخبرة ويشمل ذلك الأقباط والمرأة والخبراء والشباب عبر تعيين مستشارين لبلورة مواقف الرئيس، وسأقوم أيضًا بتشكيل حكومة من ذوي الخبرات المختلفة. أما أبو الفتوح فقال «نريد إقامة الجمهورية الثانية من خلال احترام الخبرات والكفاءات ولا تقوم على المحسوبية والفساد». أضاف أبو الفتوح السيد عمرو موسى عام 2010 أعلن تأييده لحسني مبارك هل كان يريد استمرار حالة التردي فترة أخرى بعد ثلاثين عامًا في الوقت الذي ذكر انه كان يريد إسقاط نظام مبارك.. ما مبررك؟. من جهته قال موسى «ان الاصطفاف هو أسلوب أبو الفتوح فهو مع الليبراليين ليبرالي والسلفيين سلفي والعلمانيين علماني فليس هناك موقف واضح لأبو الفتوح، فاللغة المزدوجة هي الأساس، فهذا اصطفاف بناءً على عدم مفهومية وضبابية. أما الجزء الثاني والذى أداره الاعلامي يسري فودة والذى بدأه بسؤال موجه لكل منهما، أكمل هاتين العبارتين: انتخبوني لأنني (......) العبارة الثانية لا تنتخبوه لأنه (.....)؟. رد عبد المنعم أبو الفتوح.. أدعو المصريين لانتخابي والاصطفاف الوطني من كل القوى السياسية حول قيادة سياسية لجمع بناء هذا الوطن، مضيفًا لا تنتخبوا إلا من وقف بجانب ثورة 25 يناير ويدعمها. وجاء رد عمرو موسى «أدعو المواطنين والمواطنات في مصر لانتخابي لأني جُربت في مناصب كثيرة وقمت بها بأعلى درجة من الأمانة، فمصر الآن في أزمة وجودية من الضروري قيادتها رجل دولة فاهم كيف يسير العالم وشؤونه، ومتى نلجأ ولمن نلجأ، فهذه أمور لها موازين تقوم على تجارب وخبرة». وتساءل يسري فودة: رتب من حيث الأهمية من حيث أولوياتك لنهضة مصر، واذكر متطلباتها وملامح من خطتك لاستيعابها في مدى زمني محدد؟. عبدالمنعم أبو الفتوح.. برنامجنا يعتمد في 100 يوم، أولها استعادة الأمن، وعودة أداء السلطة القضائية بشكل ناجز، ونعتمد في الفترة الأولى ال 4 سنوات على مشروع الصحة والتعليم والبحث العلمي، حيث سنرفع ميزانيتها من 7.5% إلى 25% من موازنة الدولة العامة على مدار الأربع سنوات، ونصفها يعود رواتب للمدرسين، آخذين في الاعتبار الاهتمام بالنهضة الخاصة بالتعليم الفني، لأن التعليم يساهم في حل مشكلة البطالة، وسنعمل على رفع موازنة الصحة إلى 15% من موازنة الصحة. عمرو موسى: في برنامجي هناك أولويات واضحة بعد ال 100 يوم الأولى تتعلق بجميع القطاعات ولكن يهمني الآن التركيز على التعليم فهو مشروع المستقبل وليس مضاعفة الميزانية، لكن لابد من بناء جديد للتعليم أي يكون هناك تعليم إلزامي لمدة 11 عامًا نهتم فيه بالجودة والمعرفة من خلال الأساليب الحديثة للتعليم، ولابد أن تشمل لغة أجنبية حتى يتخرجوا بتأسيس لغوي سليم. إسرائيل وكامب ديفيد ووجه أبو الفتوح سؤالًا لعمرو موسى: «هل تعتبر إسرائيل عدوا في ظل منعها لسيادة مصرية كاملة على سيناء وحيازتها للأسلحة النووية وتهديدها لمصر والمنطقة العربية حتى أصبحت مصدر قلق، وما رأي موسى في انعكاسات الاتفاقيات المبرمة أمام الإرادة الصهيونية؟؟». ورد عليه عمرو موسى: إسرائيل دولة تمارس سياسة عدوانية فعلًا، فلقد قمنا بمعاهدة سلام معها ولنا معها خلافات ضخمة ومعظم شعبنا لا يتفق معها ويعتبرها عدوة، فمسؤولية الرئيس هي الحكمة ولا نريد الصدام حاليًا ونحن غير مستعدين، ولابد من إعادة النظر في بعض الاتفاقيات المتواجدة. في حين قال عبدالمنعم أبو الفتوح: عمرو موسى من شدة معارضته لنظام مبارك لم يبق إلا أن يقول لنا عدد مرات تعذيبه، مندهشًا من وصفه لنفسه بالمعارض في عهد مبارك. وأضاف عمرو موسى: أود أن ألفت نظر الجميع لفقرة من أحد كتب أبوالفتوح قال فيها «نحن نؤمن بجواز استخدام العنف بل وجوبه في حالة الضرورة».. أرجو أن يشرح لنا معنى تلك العبارة؟. فرد عليه أبو الفتوح: هذا الكتاب واجهت فيه هذه النصوص التي قال فيها شباب استخدموا العنف في المعارضة فتاريخ الحركة الإسلامية سلمي منذ أوائل السبعينايت حتى الآن. الكلمة النهائية قال عمرو موسى في كلمته النهائية «رأينا مشهدا من التناقض الواضح في حديث أبو الفتوح، أين هو المرشح وهل سيعود لما ذكره في كتابه فالحديث عن السلام والإجراء والممارسة كانت في العنف، وأنا أرى أن هناك خطرا حين التصويت لأبو الفتوح. وقال أبو الفتوح في كلمته النهائية «نحن مقدمون لأول مرة على اختيار رئيس لمصر نرجو ألا يدفعنا أحد للنظام البائد والخلف مرة أخرى بفكره الفاشل، والشعب المصري يحتاج للمصريين الذين عاشوا ثورة 25 يناير، والشعب يحتاج لقيادة تمثل الجمهورية الجديدة وليس طرفًا من النظام السابق.