قبل ثلاث سنوات كتبتُ في هذه الصحيفة (المدينة) مقالاً عنونتُه ب(العُرضيَّتان..إرهاصات تنمية شاهدُها «خالد») عقِبَ زيارة سمو أمير منطقة مكة لمركزَي العُرضيَّتين بمحافظة القنفذة، وتدشينه لعدد من المشاريع التنموية، وحثِّه بعض الجهات المسؤولة على استكمال مشاريعها المتعثرة. كتبتُ ذاك المقال وأنا أَلمحُ وميضَ إرهاصاتِ تنميةٍ يلوح في أفق العرضيتين، بعد أن عانتا من نقصٍ حادٍّ في الخدمات، وتناسٍ من بعض الجهات التي أَسقطتهما من قاموسها الخدمي؛ كونهما تُصنَّفانِ (مَركزَين) يقعان في مكان (قَصيٍّ) من المنطقة. العُرضيتان ياسادة ذاتُ بعد تاريخي، وإرث حضاري، يكفي أن تعلموا أنَّ فيهما سوقَ حباشة التاريخي، وأنهما عُرِفتا بمسمى (العُرْضِيَّة) منذ سبعة قرون، وأنهما أخرجتا للوطن عددًا من الأعلام في المجالات كافة. العُرضيتان عبارة عن مركزين ضخمين -مساحةً وسكانًا- هما مركز العُرضية الشمالية (نمرة) ومركز العُرضية الجنوبية (ثريبان) ويقعان في أقصى الطرف الجنوبيِّ الشرقيِّ لمنطقة مكة، ويشكِّلان الانبعاجَ الظاهرَ بجلاء شرقيَّ محافظة القنفذة الفاصلَ بين منطقتَي عسير والباحة. وحينما نقارن تعداد سكان العرضيتين البالغ حسب الإحصاءات (الرسمية) الأخيرة (77613) بسكان بعض المحافظات -كما يظهر في موقع مصلحة الإحصاءات العامة- نجد أن العرضيتين تتقدمان على (62) محافظة من محافظات المملكة البالغ عددها (118) محافظة! وبناء على تلك المعطيات طالب أهالي العرضيتين -وغيرُهم- باستحداث محافظة للعرضيتين. وهنا أذكر مطالبات الأساتذة: علي خضران القرني في المدينة والندوة، ومحمد الحميِّد في الوطن، وحمَّاد السالمي في الجزيرة، وأحمد الشمراني وماجد المفضلي في عكاظ. وأذكر أن الأستاذ علي مكي نشر لي -قبل عشر سنوات- طلبًا في عموده بالوطن على مدار يومين تحت عنوان (من اليتيمتين إلى أمير مكة) وأعاده مختصرًا في شمس، كذلك نشر لي الأستاذ قينان الغامدي في عموده بالوطن قبل (ثماني سنوات) طلبًا عنونَه ب(العُرضيتان والانتماء الطبيعي إداريًّا). لا ننسى كذلك جهود بعض المشايخ والمواطنين المخلِصين ومراسلي الصحف في العرضيتين. ونثمِّن كثيرًا جهود سعادة محافظ القنفذة فضا بن بين البقمي ورئيس مركز العرضية الشمالية الأستاذ عمران بن حسن الزهراني الذي يمثل أنموذجًا رائعًا للقيادة والمسؤولية. ولأن الأمير خالد الفيصل ذو فكر ثاقب ورأي حصيف، فقد وقف على واقع العرضيتين وأحاط به من جميع جوانبه، تلا ذلك زيارة الأمير منصور بن محمد مستشار وزير الداخلية لشؤون المحافظات، لتتعاضدَ رؤيتاهما وترفعا إلى ولاة الأمر، فيأتي القرارُ الملكي الأخير بترقية العرضيتين إلى محافظة فئة (ب) تحت مسمى (محافظة العُرْضِيَّات) ويكون مقرها (العرضية الشمالية). ويبقى لأهالي العرضيتين طلبٌ عند من يهمه الأمر بجدولة المحافظة في ميزانية العام الحالي؛ كون نظام المناطق -في مادته الثالثة- يُعطي الأولوية للاعتبارات السكانية، والجغرافية، والأمنية..إلخ، وهو ما يتأكد (بقوة) في حق العرضيتين. هنيئًا للعرضيتين بالمحافظة، وشكرًا (من الأعماق) لولاة أمرنا الأوفياء، وشكرًا لصوت العرضيتين، باعثِ التنمية في أوصالهما، أميرِنا (الفيصلِ) ولكل من أيَّد ودعم القرارَ بجهده أو فكره أو قلمه.