حُزْنِي على الصورةِ التي شاهدتُها- إنْ كانتْ حقيقيةً- حُزْنٌ على وطنٍ بأكملِه، فَمِنْ الخطورةِ أنْ يُلْقَى على أرْضِ التلفزيونِ السعوديِّ، تاريخُ وطَنٍ، وسِجِلُّ قادةٍ، ومُنجزاتُ مجتمع، وأثارني تعليقُ ناشِرِ الصُّورَة:"كنّا نطالبُ بفتْح الأرشيف، واعتقدْنا أنهُ مِن المُحَرّمات، أو مِن المَنْهِيّات، والأمورِ العِظَام التي من المُحَالِ فَتْحُها، أو النُّطْقُ بها، إلى أنْ اكتشفْنا أنّ أرشيفنَا مرمِيٌ على الأرض، وأنّ الموظفَ الكسولَ، لا يريدُ أنْ يُخْرِجَهُ، كيْ لا تتّسخَ يداه".!! هل هذا إهمالٌ ؟ أم عدمُ مبالاةٍ ؟ في وقتٍ أضحى فيه الأرشيفُ الإعلاميُّ لأيِّ مُجتمع، الوِعَاءَ المناسِبَ، والأكثرَ سِعَةً، لحَمْلِ رسالةِ الإعلام ؟ إذاً لا مناصَ مِنْ القَوْل: إن إلقاءَ أرشيفِ التلفزيونِ السعودي على الأرض، مُخَالَفَةٌ صريحةٌ وواضحةٌ، تستدعي التحقيقَ، والمُسَاءلةَ، والمحاسَبَةَ، والمعاقبةَ إنْ ثبتتْ الإدانةُ، فلا أحدَ فوْق النظام، ولا أحدَ فوْق المساءلة، وهذا أرشيفُ إعلامِ دولة، لا يجوزُ العَبَثُ به، أو التّعامُلُ معهُ بعدمِ جِدِّية. منذُ سنواتٍ خَلَتْ، سمعتُ كلاماً في المجالسِ العامّةِ، عن أرشيفِ التلفزيون ساءني حقّاً، ولَمْ أصدِّقْهُ، فتصديتُ لهُ، لكنّ الصورةَ التي شاهدتُها، تجعلني أطالبُ بأنْ تقطعَ جَهِيزَةُ قَوْلَ كُلِّ خطيب، فَمَنْ تكونُ جهيزةُ ؟ وِزَارةُ الثقافةِ والإعلام؟ أم هيئةُ مكافحةِ الفساد ؟ أم وِزَارةُ الداخلية ؟ لم تَعُدْ الأرشفةُ اليومَ مسألةً ثانويةً، أو هامِشِيّةً، إنها في صُلْبِ مسؤوليةِ أيِّ مؤسسة مُجْتَمَعِيّة، فَمَا بالُكَ إذا كانتْ هذه المؤسسة إعلاماً سعودياً، تجذّرَ في المجتمع منذُ تسعينَ عاماً، حينما صدرتْ في عهدِ الملكِ عبدِ العزيز صحيفةُ أُمِّ القرى (1343ه/1924م) وبعدها أطلّت الإذاعةُ السعوديةُ (1368ه/1949م) وأُطْلِقَ التلفزيون ( أبيض وأسود 1385ه/1965م) ثم ملوناً ( 1396ه/1976م). تكمنُ أهميةُ أرشيفِ التلفزيون، في قُدْرتهِ على رصْدِ التطوراتِ المُجْتَمَعيّةِ السعودية، والسياساتِ التنمويّة، وحِفْظِ ما بناهُ الأوائل، وعَرْضهِ على الملأ، والاستفادةِ منهُ في الحاضرِ، والبِنَاءِ عليْهِ في المُسْتَقْبَل، ومن هنا تصبح قضيةُ إلقاءِ أرشيفِ التلفزيون على الأرض، قضيةً وطنيةً، لا ينبغي السكوتُ عليْها، والتحقيقُ وحدَهُ يكشفُ عمّا إذا كانَ الفِعْلُ عاديا، أمْ أنّ هناك إهمالاً وعدمَ مبالاة. فاكس: 4543856-01