* قضيتان مثيرتان للتأمل والتدبر وربما الجدل، أولهما المفاوضات بين وكالة الطاقة النووية الدولية والنظام الإيراني، وثانيهما أحداث سوريا "المؤلمة" وموقف الدول الغربيةوالأممالمتحدة منها. * في الشأن الأول منذ سنوات ونحن نسمع وعلى مدار الساعات والأيام جولات جديدة من المباحثات آخرها ما سيتم عقده في العاصمة النمساوية فيينا منتصف مايو الحالي، ولكن دون نتيجة حتى أصبحت القضية شبيهة إن لم تكن متطابقة مع المسلسل الكرتوني توم وجيري. * والقضية الثانية وبرغم وضوح كل زوايا صورها البشعة والمرعبة واللا إنسانية من نظام لا يعرف الرحمة ولم تمر عليه أبداً قيم أو مبادئ إنسانية إلا أن الدول العظمى وخاصة الغربية منها التي تدعي حمايتها لحقوق الإنسان "تمدد" الفرصة تلو الأخرى للنظام النصيري، وكذلك تفعل الأممالمتحدة التي تفننت في إيجاد المخارج والوقت الكافي للنظام النصيري في الإمعان أكثر في مستوى وحشيته. * في كلا الحالتين يتساءل العقلاء ما الذي يدفع الدول الغربيةوالأممالمتحدة، وهما الطرفان اللذان طالما أزعجونا بحماية حقوق الإنسان إلى حد أنهم أقاموا الدنيا ولم يقعدوها لمجرد أسر جندي إسرائيلي من قبل حركة حماس الفلسطينية، إلى عدم اتخاذ مواقف حاسمة ضد كل من نظام الملالي والنظام النصيري؟ لأن المنطق يقول إذا كانت لدى هذه الدول والمنظمة الدولية مبررات كافية كما هو واضح من سلوك كلا النظامين فلماذا كل هذا الانتظار؟ ولماذا كل هذا التسويف؟! * الاسترخاء الدولي تجاه القضيتين دفع كل من النظام الإيراني والنصيري إلى التمادي أكثر ولعب أدوار أكبر منهما بكثير، فإيران تتمدد اليوم بطول المشرق العربي وعرضه من لبنان إلى العراق إلى الخليج العربي، وكأن كل هذه المساحات ملكاً لها، بل وتتباهى بذلك حين تدفع حركة مليشاوية داخلية إلى تحدي الدولة كما هو حادث في لبنان بين حزب الله والدولة اللبنانية حيث تحول الحزب إلى فاعل أكبر من الدولة. وكذلك الحال مع العراق حين دفعت عميلها المالكي إلى التحول إلى صدام آخر وديكتاتور لا يأبه بقانون ولا نظام وهو يعلم أن الحماية متوفرة له. إضافة إلى ما تقوم به إيران في الخليج العربي آخرها تحدي العرب والعالم بادعائها ملكية الجزر الإماراتية أبوموسى وطنب الكبرى والصغرى. * نفس المسار يفعله النظام النصيري وهو يعلم يقيناً أن الدول الغربيةوالأممالمتحدة ليسوا جادين بحماية حقوق الإنسان السوري المغلوب على أمره وأنهم يفضلون بقاء النظام الحالي على وجود نظام حكم رشيد قد يقوم بمثل ما قام به الأشقاء المصريين حين ألغوا اتفاقية الغاز مع إسرائيل، فالنظام النصيري منذ أيام حافظ الأسد وهو أكثر الأنظمة حماية للحدود الإسرائيلية، والأكثر تسهيلاً للعربدة الإسرائيلية التي وصلت إلى قلب العاصمة العربية بيروت. وسيبقى الحال على ما هو عليه إلى أن يفرج الله على أمر يكيد به نظامي الملالي والنصيرية والدول الغربيةوالأممالمتحدة ويعيد الحقوق لأصحابها. فاكس: 6718388 – جدة تويتر: @Dr_Abdulrahman