أحسنوا بي الظن.. لأني سأدّعي أن أدوات التواصل الأجتماعي.."الفيس بوك، وتوتير" تحديدًا.. (أسننة) العلاقات الإنسانية بين الرجل والمرأة، أي أنها جعلتها أكثر إنسانية وبشرية، رغم الكثير من التجاوزات التي تحدث حتمًا. عملية الفصل القهرية القسرية الطويلة، والمبالغ فيها بين الجنسيين خلال الثلاثين سنة الماضية أدّت إلى حدوث ما يشبه الرهاب، أو الجوع (العاطفي).. هذه الحاجة أو (الجوع) أفرز أشكالاً متطرفة من العلاقة بين الرجل والمرأة.. الذكر والأنثى لعل أبرزها الهوس (الجنسي) الطرف الآخر حيث كل العلاقات تدور أو تنحو نحو ذلك، وهي في جوهرها رغبات عاطفية تطرفت حتى اتخذت هذا الشكل المتطرف (فالليبيدو) كما يسمّيها فرويد هي أقوى وأعمق النوازع الكامنة في وعي الإنسان الباطن. غير أن الحديث في هذا الموضوع مليء بالمحاذير خاصة في مجتمع يدّعي ويفترض المثالية. قنوات التواصل هذه كسرت ولو قليلاً هذا (التابو) الاجتماعي من حظر العلاقات والتواصل المطلق.. وأوجدت مساحة اتّصال وتواصل بين الطرفين، واكتشف الرجل والمرأة أيضًا أن هناك مساحات كبيرة للحوار المشترك، والعلاقات الطبيعية بينهما، وتجذرت علاقات أكثر إنسانية، وحوار يُطرح، وآراء تناقش، واتفاق، واختلاف طبيعي ككل الأشياء في الحياة. ولهذا أصبح هذا العالم (الاتفتراضي) هو العالم الحقيقي لطائفة كبيرة من الناس الذين همش الواقع الحقيقي رغباتهم ورؤاهم للحياة، وأصبحوا يجدون في هذا العالم (الافتراضي) والموازي عالمهم الحقيقي الأقرب إلى طبيعتهم البشرية، بعيدًا عن الأقنعة والقوالب المسبقة الصنع للأفكار والعلاقات القسرية التي يفرضها المجتمع.. وفي نهاية المطاف قدر الإنسان أن يبحث عن سعادته حتى وإن كانت سعادة مفترضة. بالطبع أنا أدرك يقينًا أني لا أمتلك أرقامًا وإحصائيات وأبحاثًا هنا، غير أني أمتلك مشاهدات وخبرات تقول لي إن قنوات التواصل أفرزت علاقات إنسانية أقرب إلى طبيعة الناس والأشياء.. ومنحت للكل مزية الحوار، وعرض الأفكار، ولعل الفضل في ذلك يعود لثورة المعلومات التي منحت للكل مساحة يمارس فيها اتفاقه واختلافه، رغم أن الكثير من أبجديات المجتمع المدني ما زالت غائبة عن الكثيرين كمفاهيم الحريات الشخصية، وخصوصية الآخر، وحق الاختلاف دون تخوين أو اختزال. المسار طويل وشائك نحو بروز مجتمع مدني فاعل، كان من المفترض أن تكون مكانه الحياة الحقيقة، أما وقد ضاقت فلم يبقَ سوى اختراع العالم الموازي، عالم التواصل البديل.