منذ أن تولى خادم الحرمين الشريفين رعاه الله مقاليد الحكم وهو يعلن في كل المحافل الوطنية عن حربه ضد الفساد وحثه كافة الأجهزة الحكومية والمؤسسات الإعلامية على تتبع ذيوله وكشف سبله الملتوية دائماً ثم سد كل السبل المؤدية الى ممارسته ولعل مقولته رعاه الله وأبقاه المشهورة «سوف نضرب هامة الفساد» ومقولته عن عدم استثناء اي فرد من المحاسبة بقوله «كائناً من كان» وقراره حفظه الله بإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد ما هو الا رسالة شديدة الوضوح لكل من تسول له نفسه العبث بأمن هذا الوطن والعبث بممتلكاته ومدخراته ولا ننسى ايضاً ما قامت به الهيئة الوليدة من اجراءات مبدئية لتحقيق هذا الغرض الوطني الهام من خلال تحديد رقم «19991» للإبلاغ عن منابع ذلك الفساد من قبل اي مواطن او مقيم كون مهمة محاربة الفساد مهمة وطنية يتحملها كافة افراد الشعب كل حسب المتوفر لديه من الامكانات ولعل تحديد مفهوم الفساد يعد من اهم الامور التي يستوجب توضيحها حتى يكون الانطلاق من محور ثابت كامل الوضوح محدد المعالم حيث يمكن تحديده بأنه كافة الممارسات المالية او الادارية التي ينتج عنها سلب للمال العام او الاضرار بالأمن الوطني والغذائي والصحي والاجتماعي انطلاقاً من مصالح فردية من قبل الممارس للفساد. وبما ان اجهزة الاعلام بكافة مساراتها المسموعة والمرئية والمقروءة تعد اهم وانجع السبل لحرب الفساد اذا استثمرت الاستثمار الامثل الواعي الموضوعي الصادق وبما اننا نعيش في عصر الاعلام الجديد الذي يتميز بكون جميع افراد المجتمع اعلاميين غير متخصصين كون الادوات الاعلامية متوفرة بين ايديهم فإن دور مكافحة الفساد قد يخرج عن نطاق المؤسسات الاعلامية النظامية. ومن هذا المنطلق ارى ان اجهزة الاعلام لدينا لابد وان تتجاوز مرحلة التكتم خاصة اذا لم يحدث اي مساس بالثوابت الوطنية المعروفة لدى الجميع والتي لا يختلف عليها ابداً ونقف جميعاً سنداً لها وسداً منيعاً امام من يمسها بسوء لكن البعض من مؤسساتنا الاعلامية غير الالكترونية لا تزال تحمل هاجس المحاسبة في ظل عدم تحديد الاطر العامة للمخالفات المستوجبة للمحاسبة وفي ظل الذهنية القديمة التي لا تزال تبحث عن مكان ينأى بها عن المساءلة ولمثل هؤلاء اقول ان حرية الرأي في كشف مواطن الفساد التي حددها خادم الحرمين الشريفين وفقه الله في كل افراد المجتمع وحثه على ضرب هامة الفساد بيد من حديد لا تتم الا في ظل وضوح تام من قبل القائمين على المؤسسات الاعلامية فالمحاربة لابد وان تطال الجميع وحرية الرأي لابد وان تكون قائمة وفق ضوابط يأتي في مقدمتها عدم المساس بالثوابت الوطنية المعروفة. ولعلي في الختام ادعو الله ان يحفظ بلادنا العظيمة من كل حاقد ومتربص وان يحفظ قيادتنا الحريصة على توفير سبل الراحة والعيش الرغيد لشعبها وان يحفظ عقيدتنا السمحة من اعدائها المتربصين لزعزعتها والله ولي التوفيق.