إنهم عشاق أغلبهم فوق السبعين، حاولوا هجرة محبوبتهم بداعي السن والبحث عن الوظيفة الثابتة، لكنهم فشلوا تماما في التخلص من جينات هذا العشق الأبدى الذى نما في دمائهم منذ كانوا في ريعان الشباب. انهم صيادو جازان الذين عقدوا توأمة شعارها الحب والاخلاص مع البحر واسماكه حتى عرفوا مواعيد تواجدها وخريطة مواقعها في البحر، خاصة عندما تلوذ غاضبة الى عمق البحر بفعل الاجواء الحارة في الصيف. يقول إبراهيم إدريس بحيص احمد 80 عاما الصياد المخضرم انه شرب اصول المهنة منذ كان يصطحب والده وهو في العاشرة من عمره لمساعدته في الصيد ببعض الجزر والمدن المختلفة مثل المصوع، وجيبوتي، والبصرة، وعدن، والكويت، وكانت الرحلات تمتد إلى ثلاثة أشهر، مشيرا الى انه على الرغم من ان مهنة الصيد شاقة الا انه ارتبط بها ارتباطا وثيقا حتى باتت مصدر المتعة والعشق الذى لا يستطيع الاستغناء عنه . واشار الى انه من دلائل حب الصيادين لهذه المهنة إقامة مسابقات للقوارب الشراعية في البحر في اجواء رائعة. وأضاف انه حاول الابتعاد عن البحر قليلا بعد سنوات طويلة في العمل فيه والتحق بوظيفة على بند العمال لمدة 5 سنوات الا ان هذه الوظيفة لم تحقق له الاشباع المادي والمعنوى الذى كان يشعر به اثناء عمله في البحر. وعن مهنة الصيد قال: في السابق لم يكن يوجد برنامج يومي، وكان نزول البحر يتم على حسب توفر المركبة أو القارب وكان الصياد يتغيب عن أهله وأولاده مدة أسبوع وأكثر، ولكن في الفترة الأخيرة ومع فارق كبر السن اخرج الى الصيد من طلوع الشمس إلى الساعة الحادية العاشرة صباحا، واعود في الفترة المسائية من الساعة الثالثة عصرا إلى غروب الشمس . وعن اوقات الصيد يقول بحيص: الصياد يفضل الأجواء الباردة لوفرة الأسماك وقربها من الشاطئ وسهولة الصيد، اما في فترة الصيف والغبار نعاني لقلة تواجد الأسماك وتعمقها داخل البحر مشيرا الى ان ادوات الصياد حاليا الشراع والسيب الذي يوضع له قاعدة على جنب المركبة البحرية لكي تساعد على سيرها داخل البحر. من جهته قال الصياد أحمد بن ابراهيم بحيص الذي يبلغ من العمر 42 عاما: تعلمت الصيد من والدي منذ صغري مشيرا الى انه يقضى اسعد ايام حياته في هذه المهنة ويتطلع الى قضاء باقي عمره بها . وعن الأهازيج التي يرددها الصيادون قال يردد الصيادون الكثير من الاهازيج بصوت البحارة الجميل ومنها : كانوا معي احبابي، واليوم جافوني ما في الجفا من عيب يا الله يكون عوني يا ربنا جيبه واشم من طيبه.