إن قلنا بأنّ الفسادَ هو الخروج عن القانون والنظام، أو استغلال غيابهما من أجل تحقيق مصالح سياسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية للفرد، أو لجماعة معينة، فهو سلوك يخالف الواجبات الرسميّة للمنصب العام، تطلّعًا إلى تحقيق مكاسب خاصة مادية أو معنوية، وقد عَرّفتْهُ "منظمة الشفافية الدولية" بأنّهُ كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام؛ لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو جماعته. إذن الفاسد هو بشكلٍ أو بآخر "لِصٌّ"، والتفكير الجمعي لدينا ربط الفساد بصاحب المنصب المرموق، وأغفل أنّ الفساد مسألةٌ نسبيّة.. هذا أوّلاً، وبأنّهُ ليس مجرّد هالة غير مرئيّة، أو محسوسة هبطت علينا من كوكبٍ آخر على حين "غفلة". من هذا المنطلق أسألك قارئي الكريم: هل أنت فاسد؟! نعم أنت أيُّها الممسك بالصحيفة هذه اللحظة، أو وأنت تقرأ هذا المقال المتواضع، عن طريق الموقع الإلكتروني، نعم.. هل أنت فاسد؟! هل تستخدم مثل هذه المقولة "يا رجّال الطاسة ضايعة"، كمخدّر لضميرك إن حاول الاستيقاظ؟! هل حدث وأن صرّفت مُراجعًا للدائرة التي تعمل بها بقولك: إنّ (السيستم) عطلان! بينما هو لم يكن كذلك؟! هل حدث وأن تغيّبت عن عملك بدون عذر، ثُمّ أتيت بتقريرٍ مزوّر؟! نعم مزوّر! هل هالك اللفظ؟! مُزوّر لأنّه يقول بأنّك كنت مريضًا، وأنت لم تكن كذلك، ولكن "دبّرته" عن طريق معرفتك لفلان أو علاّن؛ هل حدث ورفعت السعر بشكلٍ عشوائي، وغير مبرّر في المحل الذي تملكه؟! هل حدث أن تغاضيت عن الإبلاغ عن سلعةٍ مغشوشة، أو منتهية الصلاحية لكي لا تقطع رزق ذلك الوافد الذي استغلّ طيبتك؟! هل حدث وتاجرت بالتأشيرات بشكلٍ أنت تعرف بأنّه غير نظامي؟! هل حدث ونلت بدلاً أنت تعرف ومؤمن تمامًا أنّكَ لا تستحقّه؟! هل حدث وتورّطت برشوةٍ ما.. وبحثت لها عن اسمٍ آخر؛ اسم ألطَف؟! هل حدث وكنت جزءًا من واسطةٍ أخذت حقًّا من شخصٍ لا يعنيك؛ لتُعطيه لشخصٍ آخر فقط لأنّهُ يعنيك؟! هل حدث واستخدمت وسيلة المواصلات التي منحتها لك الجهة التي تعمل بها في مشاويرك الخاصّة؟! هل حدث وخالفت النظام معتبرًا نفسك "ذئبًا" تعرف من أين تؤكل الكتف؟! هل ...؟ وهل ...؟ وهل ... إلى آخر ما يُمكن أن يخطر ببالك من "الهلهلَة".. الآن يا قارئي العزيز هل تسمح لي بإعادة السؤال عليك: - هل أنت فاسد؟!