السائل (أبو يوسف الهلالي): إذ أزف لشخصكم الكريم، ولأمة الضاد المباركة،تهنئة عاطرة عبقة، بالتقدير هطولة غدقة؛ كفاء تأسيسكم (مجمع اللغة العربية) العبقري الرائد لأرجو المولى سبحانه أن يجعلكم كصوب الغمام، أينما وقع، أصاب ونفع، آمين.كما أزجي لكم الشكر المزيد، حيال ساحرات الأحداق، وهاتيك النفائس الأعلاق {لحن القول}، و{خاطرات}، و{فتاوى لغوية}، في هذا الملحق الفارع. وأسئلتي: 1- هل يصح قولنا: كرَّس حياته في الدعوة، وقولنا: فعلك هذا تكريس للعصبية؟ 2- وهل يصح قولنا: لعب القضاء دورًا مهمًا في العدل؟ أنهلنا الله من علومكم أصنافًا، ورزقكم من بديع الجواب أصدافًا. الفتوى 35 : التهنئة منك ليست لي وحدي بل هي لي وللمجمعيّين، وأهل اللّغة ومحبيها، ولقد حظي المجمَعُ - بلا تزيّد ولا مبالغة - بمباركات وتهاني، ما لم تبلغه الخواطر والأماني. ذلك بأن شبكة العنكبوت في كل بيت، وأنأى عن كل {لوٍّ} وليتْ، وإنها لأكثر قبيلا، وأهدى سبيلا، وأحسن عملا، وأقرب أملا. وإن بلادنا (المملكة العربية السعودية) لهي أملَكُ به وأسعد، وأعلى بشأنه وأصعد، وأشكر لك ثناءك المطابق لاعتقادك الطاهر، وأسأل الله أن يكون مطابقًا للواقع في الباطن والظاهر، ولا تؤاخذني بتركه، والإقبال إلى ما هو أجدر، وهو ما سألت عنه وجوابه. ما قولهم: كرَّس حياته، فإنّ منهجي عدم التحريج والتحجير في كلّ لفظة استعملت على نحو من التَّوسّع بشروط ثلاثة، أحدها: أن يكون أصل المادّة مسموعًا عن العرب. ثانيها: أن تكون صيغة الاستعمال صحيحة. ثالثها: أن يكون بين اللّفظ المستعمل وبين أصل المادّة جامع في المعنى، بحيث يصحّ ربطه به. والمعاجم تقول: كرَّس فلان البناء: أسَّسه، وكرَّس الشيء: ضمّ بعضه إلى بعض. فأيُّ رأي يضيق بعد هذا عن قبول قولهم: كرَّس حياته؟ فمن ضاق صدره عن هذا فنرجو الله أن يوسِّعه. ونحن إن بقينا على ما نطقت به العرب ولم نتجاوزه قتلنا طموحنا وإبداعنا وأذواقنا بلا ذنب! ونحن بهذا نظلم لغتنا من حيث نزعم أننا حرّاسها وحماتها. من الذي سوَّغ لهم أن يتوسعوا ولا نتوسّع، ويطوِّروا ولا نطوّر؟ سبحان ربي الأعلى وبحمده! الفتوى 36 : وأمّا قولهم: لعب القضاء دورًا .. فإني أحيلك إلى كتابي {لحن القول} ص 39، ففيه تفصيل يضيق به حيّزنا هذا ذرعًا، ولكنني أمُدّ لك منه فرعًا. وهو أن رأي الأكثرين من شيوخ المجمع القاهري أن يقال: أدّى دورًا، بدل لعب دورًا، وأنا أختار الجواز إلا أن يكون المخبر عنه أمر دينيّ أو جدّ خالص، ومن ذلك ما مثلتَ به في سؤالك، فإن التعبير عنه باللّعب منكرٌ ولعبٌ، والمجاز لا يحتمله إلا بذوقٍ سمج. ودمت على خير، وبه