السائل (سعد الحارثي) يقول: بارك الله فيك شيخنا، ونفع بك الأمّة، نسمع في أخبار الإذاعة قولهم: بَلْوَرَةُ المواقف.. فما أصل (بَلْوَرة)؟ ونسمع قولهم أيضًا: تخوم المناطق الجَنوبيَّة.. فما أصل (تخوم)؟ وما معنى كلمة (سَرعان) في قولهم: سرعان ما ذهبوا عنه؟ الفتوى 3 : بارك الله فيك -يا سَعْدُ-، ونفع بك.. أمّا كلمة (سرعان) فلفظة صحيحة، واستعمالها في نحو: سرعان ما ذهبوا إليه صحيحٌ أيضًا، ويجوز في سينها الفتح والكسر والضمّ، وفي ذلك تخفيفٌ على أمّة العرب، ومَن يتكلم بلغتها، وهي لدى النحويين اسم فعلٍ بمعنى (سَرُعَ)، كهيهات بمعنى (بَعُدَ)، ولها معنيان، التعجبُ من السرعة، والإخبارُ بها إخبارًا محضًا؛ لأنّ التعجب يتضمن الإخبار أيضًا، لكنه غير محضٍ. ويشبهها كلمة (وَشْكَان) في معناها واستعمالها. وأمّا (البَلْوَرَةُ)؛ فهي تجلية الشيء ليكون واضحًا، مأخوذة من (البلَّور) على وزن: تنُّور، وسِنَّور، وقِمَطْر، ويُسمّى به نوعٌ من الحجارة شفاف، ونوعٌ من الزّجاج. و(البَلْوَرة) من الاشتقاق المحدث، ومن التَّوليد المقبول الذي لا يضيقُ به صدر العربيّة، وأقرَّه مجمع اللغة القاهري في ألفاظ مشابهة، نحو: تَلْفَنَ، وبَسْتَر، وكَهْرَب، وفَبْرَك، ونظيرها في المسموع: هوَّدَه ونصَّره، ونحوه: تَسَعوَد وتَمصَّر وتأمْرَك، وكلها معلومة الأصل عدا (فَبرَك)؛ فهي من آلة تسمَّى (الفابريكة). ويقال: فلانٌ تألبَن؛ أخذًا من (الألبانيّ). وأمّا اللّفظة الثالثة الأخرى (تخوم)؛ فلا نزاع في عربيتها، ولكنهم تنازعوا في لفظها وصيغتها، فمن قائل: إنها من الألفاظ التي استعملت للمفرد والجمع بصيغة واحدة، ومن قائل: المفرد تخوم كزَبُور، والجمع تُخُوم، بالضمّ، ومن قائل: المفرد: تُخوم، بالضمّ، والجمع: تُخُم. ومن قائل: المفرد: تَخْم، والجمع: تُخُوم، كفَلْسٍ وفُلُوس، وهو الأظهر عندي. والحاصل: أنّ قولهم: تُخومُ الجنوب من طيّب القول وعريقه، وقال كُثيِّر عزّة: