يتسابق البعض في كيفية الضحك على زملائهم في البيع والتجارة ويعتقدون بأنها من الشطارة التي قد تساهم في جعلهم يدخلون الكثير من مالهم لجيبهم الخاص، فهذه الأموال التي يكتسبونها بطرق غير مشروعة سواء بالكذب أو الضحك أو إخفاء العيوب فإنها مال حرام، ولكن للأسف أصبحوا يتفاخرون بالنصب والتزوير والضحك وهنا تكون المشكلة التي أصبحت تؤرق الكثير. "الرسالة" ناقشت الأمر مع محاسبين وشرعيين وتربويين لمعرفة الأسباب وكيفية علاج هذا الأمر فكان التالي: الرحيلي: لقد أصبح الجميع يأخذون كامل حذرهم كي لا يقعوا ضحية نصب أو تحايل الشريف: إنها ليست من أخلاق ديننا المبني على الحق والصراحة العصيمي: على الشباب الإيمان بأن الله هو الرزاق المدبر لجميع الأمور الأمر في ازدياد بداية تأسف أستاذ المحاسبة والقانون بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عوض بن سلامة الرحيلي على أن شريحة كبيرة من المجتمع وليست طبقة الشباب وحدها هي من تتفاخر بأنها قامت بسرقة شخص ما سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، منوها أن هناك الكثير يعتقد وللأسف بأن هذا الأمر من الشطارة والفهلوة عندما يقوم شخص ما بأخذ مال غيره دون وجه حق، أو أن يخدعه في بضاعة مغشوشة، مؤكدا أن هذا الأمر يزداد سواء في بعض الدول العربية والإسلامية وهنا تكون المشكلة الكبيرة التي توجع القلب. أساليب غير لائقة وبين الرحيلي أن هذا الأمر يقل في الخارج بخلافنا نحن بلد الإسلام والمسلمين إذ تكثر لدينا مثل هذه الحيل والأساليب غير اللائقة بديننا الإسلامي، ضاربا بذلك مثلا حدث له مؤخرا من قيام خباز بإخفاء الجانب المحروق من الخبز وإظهار الجانب الجيد ليوهم الناس بأن الخبز نظيف وهذا الأمر وللأسف من الغش على الناس. وأضاف بقوله: حب لأخيك ما تحبه لنفسك، وأكره لهم ما تكره ولا ترضاه لنفسك، فأصبح الناس في الفترة الأخيرة عند ذهابهم لشراء حاجة ما قد فقدوا الثقة في معظم الناس الذين أمامهم، فتجد المرء عندما يقوم بمحاسبة أحد الباعة فإنه يتخوف ويأخذ كامل حذره كي لا يقع ضحية "نصب" متعمدة من قبل أخيه المسلم وهذا للأسف ما يدمع العين ويسبب حرقة للقلب. وطالب الدكتور عوض الرحيلي من الجميع تذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: (من غشنا فليس منا)، وفي ذلك الرجل الذي رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما مرّ على صُبْرَة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: (ما هذا يا صاحب الطعام؟)، قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: (أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشّ فليس مني). النار أولى به ويختتم الرحيلي حديثه بتذكير الناس بعدة أحاديث لنبينا الكريم وأن طيب الرزق والطعام سبب في إجابة الدعاء وكما قال الله تعالى: {يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا} فقام سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه عمل أربعين يوما وأيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به. ليست من الدين من جانبه أوضح الشيخ الداعية محمد موسى الشريف بأن هناك عدة أنواع قد يعملها البعض وهي محرمة ولا يضع لها حسبانا بأنها أكل بالمال بالحرام فعلى سبيل المثال بعضهم يعمد إلى عداد الكيلو في السيارة الذي يدل على أنها سارت كثيرا فينقصه بحيلة حتى يتوهم المشتري بذلك أنها لم تسر إلا قليلا، وآخرون يقوموا باتفاق مع صاحب لهم ليزيد في ثمن السلعة فيقع فيها غيره وهذا هو (النجش) الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، بعض البائعين للفاكهة يضع في نهاية القفص المعد لبيعه تحت الفاكهة أوراقا كثيرة، ثم يضع أفضل هذه الفاكهة أعلى القفص، وبذلك يكون قد خدع المشتري وغشه من جهة أن المشتري يظن أن القفص مليء عن آخره. فهذه بعض الأمور التي هي تكون غشا للمشتري الغافل، وتلك الأمور ليست من أخلاق ديننا الإسلامي الذي فطرنا على الإيمان والحق والصراحة في جميع الأمور، فكيف يروق لإنسان أن يأكل مالا حراما وغشا. النصح والوعظ وطالب الشريف من المسؤول عن الموظف بأنه يجب عليه أن ينصح في وظيفته وأن يؤديها على الوجه المطلوب شرعاً دون غش ولا خداع، ودون تأخير لأعمال الناس ومصالحهم، وليعلم أنه موقوف بين يدي الله عز وجل فما ولاه الله عز وجل هذه الوظيفة إلا ليديم النصح للمسلمين، وكذلك الأب يجب عليه أن ينصح أولاده، وألا يفرط في تربيتهم بل يبذل كل ما يستطيع ليقي نفسه وأولاده من نارٍ وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد. التربية في الصغر ويرجع الدكتور خالد العصيمي أستاذ التربية بجامعة الطائف الأمر إلى التربية قائلا: إن هذا الأمر يعود في الأساس لتربية الشاب منذ الصغر، فلو كان الشاب متعودا بأنه لا يخادع ويرى كل الناس كذلك فمن الصعوبة أن نجده يعمل ذلك الأمر، فهذه من الحيل غير المحببة عند الكثير، ولكن البعض للأسف تربى في بيئة قد لا تقدر بأن الأكل الحلال يجب عليهم الأكل به، وإنما يفترض عليهم معرفة بأن الله هو الرزاق المدبر لكل الأمور. .. والشباب يكشفون أسباب الغش ودوافع التحايل: أيمن: أصبحت الظاهرة يتخوف منها الجميع صهيب: لا يعلمون بأن الأرزاق بيد الله وحده بداية أوضح الشاب أيمن إسماعيل أن هذا الأمر للأسف انتشر مؤخرا بين الشباب بطريقة كبيرة، فقد يصبح المرء في حيرة من أمره، حتى شك في أن كل خطوة يخطوها قد يكون فيها ضحية عن طريق النصب والاحتيال، مبينا أنه وقع مؤخرا في هذا الأمر عندما أراد شراء بعض الأدوات لسيارته وليفاجأ بأنها رديئة، بعد أن أقنعني صاحب المحل أنها جيدة وصالحة لمدة طويلة، ومع الوقت القليل اكتشفت أنها فاشلة وبضاعة مقلدة، حتى وصل الحال بعد ذلك إلى فقدان الثقة بيني وبين البائع. الرزق للرزاق ومن طرفه الشاب صهيب بارود يقول: إن هناك نسبة من الشباب وقعوا في الغش والتدليس اعتقادا بأن الكسب والرزق يأتي من خلال النصب والاحتيال، دون الالتفات بأن "الرزاق" هو "الله" واسمه الرزاق وأن جميع الأمور هو من يدبرها وأن الأرزاق كلها بيد الله سبحانه وتعالى، وأن المرء مهما فعل فإن الله قد كتب الأرزاق، مع هذا فعلى المرء أن يسعى في دنياه، فكل سيعي لا شك سبب من أسباب حدوث الرزق دون اعتقاد منه بأن الاحتيال سبب في التكسب.