.. ويبقى السؤال قائمًا ما دوافع ومعطيات انحلال نسبة من الشباب المسلم وهو يبتعد عن الهوية الإسلامية، ما تمثله من قيم خلاقة، ومبادئ سامية، حتى أصبح الشاب يمسي على قيم إسلامية ويصبح على غيره.. «الرسالة» بدورها عرضت هذه القضية على بعض أهل الاختصاص دون أن تغفل مواجهة الشباب حيال هذه التهمة.. فإلى مضامين هذا الاستطلاع: بداية يوضح الدكتور ناصر العسيري أستاذ علم اجتماع بجامعة الملك سعود أن مثل هذه التصرفات من تقليد للأعمى والافتخار بهم لا تكون إلا نتيجة لما يسمى بالتقليد الأعمى، فالشباب ينظرون لبعض النجوم الذين يعجبون بهم من لاعبين وفنانين ومن ثم يقومون بتقليدهم، واضاف: أرى أن السبب يعود إلى أننا نعيش في زمن به الكثير من وسائل الاتصال بالخارج سواء أكانت الإنترنت أو التلفاز، وأصبح كل شيء لا يخفى علينا بسبب وجود هذه الوسائل. ويعود العسيري ليقول: في السابق لم نكن نر مثل الأمور السخيفة المنتشرة حاليًا بين شبابنا، ولكن مع مرور الوقت أصبح شبابنا يقلد ما يراه في الخارج حيث ان بعض شبابنا دائم السفر للخارج وذلك لكثرة اطلاعهم على شاشات التلفاز وهذا ما يسمى بالتقليد غير الواعي لأنهم يقلدون ما يرونه. وختم الدكتور ناصر العسيري حديثه بنصيحة موجهة لهذا النوع من الشباب بقوله: إذا أردنا أن نقلد الغرب فمن المفترض أن نقلدهم في الشيء النافع المفيد، لا أن نتفاخر بلباسهم وطريقة كلامهم وطرق حديثهم، وللأسف نسبة كبيرة منهم وليس فيما هو مفسد وضار ومخالف لقيمنا وشاذ عن عاداتنا وسلوكياتنا فهذا هو التقليد غير الواعي، وعلى الآباء إذا رأوا مثل هذه الممارسات لدى أبنائهم أن ينصحوهم ويوجهوهم. جنون النيو لوك ومن جانب آخر تقول شهد الهاشمي المستشارة النفسية والمتخصصة في قسم الموارد البشرية: قبل الحديث عن الأسباب وطريقة معالجة هذه الظاهرة في أوساط شبابنا العربي لا بد أن نشير إلى شيء مهم ألا وهو رأي الدين في هذه المسألة، فمن المعروف أن «من تشبه بقوم فهو منهم» فمجتمعنا له هويته التي ميزه الله بها، ولا يمكن أن نسير خلف أمور لا تفيدنا نحن والأمة الإسلامية بشيء». موضحة أن مسألة الإعجاب بنجاحات الغير لا مانع منها ولكن أن نعجب بهم في نجاحاتهم ونقلدهم في عاداتهم فهذه من «الفضائح» التي نخجل من الحديث عنها، وكذلك الغير عندما يرون أننا نقلدهم في هويتهم فإنهم سيحتقرونا وكأننا أمامهم نقطة مسخرة. تقليد أعمى وتضيف الهاشمي: علينا في البداية تحديد مصدر المشكلة فهي في عقول الشباب وعاداتهم وتأثرهم بالغرب بدون شك، كيف لا وقد تفننت دور المجوهرات في إنتاج منتوجات رجالية أكثر منها نسائية بادعاء أنها للنخبة التي تحافظ على المظهر واللوك الحضاري، فهذه عادات غربية تم تصديرها للشباب المسلم عن طريق وسائل الإعلام وبخاصة البرامج الترفيهية والمجلات وكذلك نجوم الرياضة، فللأسف لو بحثنا قليلا وراء هذه السلوكيات نجد السبب التفاخر بالتلقيد وعدم نصح الأباء، مؤكدة بأن نصح الشباب ليس وسيلة ناجحة بل يجب بتر المشكلة من أصلها علينا بالتوعية ثم التوعية ثم التوعية ليس فقط للشباب بل لأولياء الأمور والآباء والأمهات. حرمة واضحة وبدوره يقول الشيخ الدكتور خالد الرميح: أن الانجراف الذي يجعل معظم الشباب يقومون بتقليد الغير تعود في الأساس لإعجابهم بالغير وكأنهم من حقق نجاحات وطموحات باهرة، وأنهم هم من حقق الإنجازات فقط، فنحن نعترف بأن لديهم تطورات ولكن للأسف طبق فيهم القول «وتعظم في الصغير صغارها.. وتصغر في عين العظيم العظائم». وبين الرميح أن المسألة يجب أن توضح للناس أن لكل مجتمع ثقافة تميزهم عن غيرهم، فالشخص الذي يتمسك بثقافته هذا ما نرجوه، ولكن أن ينجرف البعض خلف ثقافة معينة ويتركوا ثقافتهم ويذموها فهذا الأمر لا يقبل بل هو من الأمور التي لا نرجو ألا تزيد في المستقبل القريب. موضحا الرميح أن المقصود بعدم التشبه به من أعمال وأخلاق الكافرين هو ما يكون بسببه اندثار الدين والقضاء على الشريعة وفساد الأخلاق، وما يتعارض مع أحكام الإسلام، وما فيه ذلة واستكانة واحتقار للمؤمنين، وأما ما لم يكن كذلك فلا يمنع الشارع منه كالمشروعات التي تعود بالخير والفائدة على الإسلام والمسلمين في المجال الصناعي والتكنولوجي والخبرات المهنية وغيرها. .. والشباب يستنكرون.. ويدافعون: بداية أوضح الشاب سعد البقمي أن مسألة الانحلال من الشخصية العربية والإسلامية وتعمد التشبه بالغير مسألة شخصية؛ ولكنها في حقيقتها تعود لأمر مهم وخطير وهو «خجل» الشباب من التحدث باللغة العربية واللباس العربي للأسف، فهذه نقطة كثير من هذا الجيل لا يحبذونها، ولكن للأسف مع مرور الوقت سيصبح هؤلاء آباء، فماذا ننتظر من هؤلاء في المستقبل. من جهته بين الشاب عمر محمد أن الشباب الذين ذهبوا لهذا الجانب هم في حقيقة الأمر قد تعودوا على مثل هذه الثقافات وكانوا في معظم أوقاتهم في الخارج أو أن البيئة المختلطة التي عاشوا بها هي من دفعتهم لهذا الجانب، مبينًا أن في هذه الحالات علينا النصح والإرشاد والتنويه دون الضغط عليهم في هذا القرار، فالمسألة هنا تعود لهم أولا وأخيرا.