يعدّ النظام القضائي الإسلامي من أروع النظم المدوّنة منذ عهد الرسالة الإسلامية من خلال الآيات القرآنية المباركة والأحاديث النبوية الشريفة، فهو النظام القضائي الذي لم يعالج قضايا المسلمين فحسب بل شمل قضايا أهل الذمة من أصحاب الديانات السماوية ومن يعيشون تحت كنف الدولة المسلمة، و إن كتاب أو باب القضاء هو خلاصة رسائل الفقهاء المسلمين في هذا الرافد وتلك مناهج نهج نهجها المعاصرون اللهم إلا في المسائل المستحدثة في القضايا الشخصية التي تعدّ مورداً للترافع والتشاجر.., ولقد أولى الإسلام القضاء مسؤولية كبرى أمام الله والمجتمع..ولذلك نسأل الله العلي القدير أن يعين القضاة على مهامهم فهي مسؤوليات جسام عظام ولابد أن تتوفر لهم الأرضيات والعوامل الداعمة التي تعينهم على الاضطلاع بذلك الحمل الثقيل.. ولقد تحدث الكثيرون عن النقص الشديد في عدد القضاة الأمر الذي يعطّل الكثير من المصالح والقضايا التي تزداد أعدادها تباعاً وتعقّد من مهام القضاة وتزيد في أعبائهم ..إذ يفترض أن تتوفر للقاضي - وهو بشر - الكثير من العوامل المساعدة لأداء عمله فضلاً عن راحته النفسية والمعيشية التي توفر له الاستقرار المناسب لممارسة عمله ..تذكرت ذلك وأنا أتابع أخبار تطوير وزير العدل الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى للخدمات الإلكترونية في الوزارة من خلال تقديمه لمستجدات الموقع الإلكتروني .. وقد لاحظت ارتفاع أعداد الخدمات في الموقع والسعي للتحوّل إلى الإجراءات الإلكترونية والرغبة في سرعة الإنجاز وثمة أمثلة على نتائج ذلك التطوير وانعكاسها على راحة المواطن المراجع تبدو جليّة في إجراءات تهميش ونقل ملكيات الصكوك الحديثة في كتابات العدل التي شهدت انسيابية كبيرة ونتطلع إلى تحقيق ذات التطوير في المحاكم ..حتى تتحقق أهداف مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء التي حدد لها مدة عشر سنوات ولاشك أن خطوة وزير العدل لتطوير الخدمات الإلكترونية سوف تسهم بشكل كبير في التخفيف من الإجراءات الروتينية وتريح المواطن عند الحاجة للخدمات مثل حجز المواعيد وأذون شراء العقارات وتسجيل الوكالات إلكترونيا والإطلاع على صحائف الدعاوى والنماذج القضائية وغيرها من الأمور التي تسهّل على المراجعين وتخفف الضغط على المحاكم وهي خطوات جيدة .. غير أن المؤمل أن يُلتفت لدعم الجهاز القضائي ذاته من خلال زيادة أعداد المؤهلين للقضاء في المحاكم المستحدثة . وكان عميد المعهد العالي للقضاء التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود قد أعلن عن تأهيل 120 قاضيا وزيادة أعداد الطلاب والكادر التدريسي في المعهد لسد النقص الذي يعانيه القطاع إلا أن الأمر يتطلب العديد من الاجراءات ومن المقترح في هذا الصدد: 1- دعم القاضي بجهاز مساعد إذ لايكفي أن يعين له الملازم القضائي المؤقت على درجة (ب) ثم يمضي فترته وينتقل بل إنه يحتاج إلى مساعد دائم مع سكرتير متخصص ليساعداه في تلخيص القضايا التي تصل أوراق بعضها إلى عدد كبير من الصفحات ومرفقاتها التي تتطلب وقتا وجهدا لا يملكه القاضي إزاء الكم الهائل من القضايا .. ولا شك أن توفير الجهاز المساعد سوف يتيح له التعرّف على الملخّصات السريعة والتفاعل معها واستكمال المعلومات الضرورية لاستبيانها قبل الحكم . 2- لا ينبغي أن يؤثر تطوير الإجراءات الالكترونية على عملية تبادل المرافعات أمام القاضي من قبل أطراف القضية لأهمية المرافعات إذ لا يكفي الاستناد على الملفات فقط فالمرافعات أمام القاضي تجلي الصدأ وتظهر ما بطن وخفي مما لايظهره الورق.. 3- يفضل الأخذ بالبدائل التي تخفّف العبء على القضاة مثل ما يسمى بروافد القضاء ومثالها التحكيم الصلح .، فقد كثر الحديث عنها ولم تر النور بعد رغم أهميتها في الإصلاح ونبذ الفرقة والتخفيف عن كاهل القضاء كما أن فتح المجال لرافد التحكيم سوف يعود بالنفع على الناس والبلد ، فإذا ما دعمنا إنشاء مراكز التحكيم المتخصصة فإننا نكون قد أقفلنا الباب على حجج بعض الشركات العالمية التي تتهم القضاء بالنقص ولا تعترف به وتلجأ لمراكز تحكيم في دول أجنبية فضلا عن دعمنا اقتصاد البلد .. فما تتقاضاه تلك المراكز سوف يعود لمراكز وطنية وهي التي سوف تنمي العلاقة مع المراكز العالمية وتتبادل معها الثقة. دوحة الشعر: فكم لله من تدبير أمر طوته عن المشاهدة الغيوب