لا أريد أن أخوض في أمر داخلي مصري، ولكن .. ما حدث عقب مباراة كرة قدم عادية بن فريقي الأهلي والمصري يوم أول أمس من أحداث دامية في ستاد مدينة بورسعيد أودت بحياة 73 قتيلاً وما يقارب من 200 جريح - حتي كتابة هذا المقال - هو انتكاسة كبرى لثورة 25 يناير المصرية التي لم يمض أيام معدودة على احتفال الشعب المصري بها. وهي أحداث تتعدى حدودها القطر المصري الشقيق لأنها ترخي بظلال كئيبة على المشهد العربي كله. لقد خرجت تفسيرات عديدة لهذا الحدث المؤلم الذي خرج عن الرياضة التي هدفها التنافس الشريف وهزيمة الخصم .. لا قتله وإبادته: - اتهمت جماعة الاخوان المسلمين "فلول نظام" الرئيس المصري السابق حسني مبارك بتدبير ‘أحداث الشغب. وقال نائب رئيس حزب الحرية والعدالة رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب عصام العريان في تصريح نشره موقع جماعة الاخوان على الانترنت ان "أحداث بورسعيد مدبرة ورسالة من فلول النظام البائد". - بينما اتهم محللون سياسيون المجلس العسكري المصري بافتعال مثل هذه الأحداث للإساءة للثورة، وزرع الفتنة بين المواطنين، وذلك لإعادة حالة الطوارئ والبقاء في الحكم مطالبين المجلس العسكري بالتنحي .. والآن. - تساءل الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمعارض البارز محمد البرادعي، عن حجم الكارثة التي يمكن أن تحرك الشعور بالمسؤولية والإحساس الإنساني لدى من هم في السلطة، ليخاطبوا الشعب بصراحة ومصداقية. وقال على موقعه في «تويتر»، عقب عدة ساعات من مجزرة استاد بورسعيد: «ما هو حجم المأساة التى ستحرك الشعور بالمسؤولية والإحساس الإنساني لدى من هم في السلطة ليظهر أحدهم ويخاطب الشعب بشجاعة ومصداقية ؟». والواقع أن الأمن المصري أصبح في حيرة من أمره، فهو يخشى لو تدخل أن يُتهم باستخدام العنف .. ولو لم يتدخل أن يُتهم بالتراخي والسلبية. وهي حالة أرجو أن لا يؤاخذني أحد إذا قلت أنها تنطبق عليها الأغنية الكوميدية الشهيرة "وأنا عاملة نفسي نايمة"، التي غادرت صاحبتها الممثلة الكوميدية سهير الباروني الدنيا في نفس يوم هذا الحدث المؤلم. ونحن نتمني مع جموع الشعب المصري ومحبي مصر أن تكون أجهزة الأمن المصرية فعلاً "عاملة نفسها نايمة" ولم تغادر إلى المجهول مع من غادر. إن "مصر في خطر"، وأطالب أصحاب العقول بالتدخل لإنقاذها من المؤامرات التي تُحاك ضدها، وتنعكس نتائجها على بقية الأقطار العربية. فمصر هي "أم الدنيا" .. وإن أجبرتها ظروف خارجة عن إرادتها على التقوقع حول نفسها، فقد حان الأوان أن ترمي عنها كل مخلفات الماضي الكئيب وأن تعود إلى الأحضان الدافئة للشعوب العربية التي تتطلع لدور مصر الريادي والقيادي مع بقية إخوانها العرب من المحيط إلى الخليج. وفي الختام نُقدِّم خالص تعازينا لأسر الشهداء، ونسأل الله أن يتغمدهم بوافر رحمته، وندعو للمصابين بعاجل الشفاء.