تعكس تصريحات المسؤولين السوريين الاستفزازية للمجتمع الدولي وانتقاداتهم المتكررة للجامعة العربية حالة غير عادية من الارتباك والتخبط ، لاسيما بعد سحب المملكة وشقيقاتها الدول الخليجية مراقبيها من بعثة المراقبين التابعة للجامعة العربية والتوجه إلى مجلس الأمن لإطلاعه على تطورات الأحداث والحصول على دعمه للخطة العربية، وذلك إثر التحول الدراماتيكي في عمل الجامعة العربية التي باتت أكثر تفاعلاً مع قيم الحرية والديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان من خلال آليات جديدة أكثر فاعلية مما مضى بما يعد بمثابة مرحلة جديدة في مسيرة العمل العربي المشترك وتفعيل أدواته. التحرك الخليجي الأخير المتمثل في طلب رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم والأمين العام للجامعة العربية د.نبيل العربي عقد لقاء مشترك مع السكرتير العام للأمم المتحدة، وإبلاغ مندوب المملكة الدائم لدى الأممالمتحدة مساء أمس الأول المجلس أنه يتعين على سوريا وقف اضطهاد مواطنيها، وأن الوقت حان لأن يتحمل مسؤولياته، ما هو إلا محاولة عربية جديدة لوقف دوامة العنف في سوريا. هذا التوجه كما هو واضح، لا يهدف إلى طلب التدخل الأجنبي كما تحاول دمشق الترويج له، وإنما لتفعيل القرارات والمبادرات العربية التي تضرب بها دمشق عرض الحائط، وهو ما يمكن لمسه من خلال قول السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة، سوزان رايس، في جلسة مناقشة الأوضاع في الشرق الأوسط، الثلاثاء الماضي: «حان الوقت منذ فترة طويلة لأن يصدر هذا المجلس قرارا قويا يدعم جهود الجامعة العربية لإنهاء الأزمة واستعادة السلام في سوريا». فالحديث هنا هو عن قرار قوي يدعم جهود الجامعة، وليس عن تدخل عسكري. ما تريده المملكة وشقيقاتها الخليجيات وكافة الدول العربية الأخرى هو تحديدًا وقف النظام السوري اضطهاد مواطنيه، ووقف تحديه للتطلعات المشروعة للشعب السوري بالعنف والرصاص، وضرورة تطبيق مبادرة الجامعة العربية، وأن تصغي دمشق إلى صوت العقل والحكمة المتمثل في تلك المبادرة للتوصل إلى حل سياسي متوازن يحقق تطلعات الشعب السوري، ويحافظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية ويجنبها الحرب الأهلية والتدخل الأجنبي، لأن الاستمرار في دوامة العنف - وليس المبادرة العربية - هو الذي سيدفع إلى سيناريوهات الحرب الأهلية والتدخلات الأجنبية.