في مطلع العام الجديد دخلت خمس دول في عضوية مجلس الأمن هي المغرب وتوجو وجواتيمالا وأذربيجان والباكستان لتحل محل خمس دول أنهت فترة العامين في العضوية غير الدائمة هي الجابون ونيجيريا والبرازيل والبوسنة ولبنان.. تشكيلة مجلس الأمن تضم ثلاثة أعضاء من كل من آسيا وإفريقيا والأمريكتين وستة أعضاء من أوروبا!! لا تسألوا أين العدل في هذه التركيبة التي تساوي بين آسيا ذات الأربعة بلايين نسمة مع إفريقيا والأمريكتين التي لا يتجاوز عدد سكان كل منهما البليون، بل وتعطي أوروبا التي يقطنها قرابة السبعمائة مليون نسمة ضعف ما لآسيا أو إفريقيا.. وإذا نظرنا إلى توزيع المقاعد الدائمة نجد أن أوروبا تحظى بثلاثة مقاعد هي فرنسا وبريطانيا وروسيا في حين تحتل الصين المقعد الدائم الوحيد لآسيا والولايات المتحدة للأمريكتين وتخرج إفريقيا من مولد المقاعد الدائمة بلا حمص. هذا التوزيع يعكس حقائق الحرب العالمية الثانية وواقع العالم في منتصف القرن الماضي عندما كانت الإمبراطورية البريطانية لا تغيب عنها الشمس وكانت فرنسا تحتل نصف القارة الإفريقية، وحينها فصّل الحلفاء المنتصرون الأممالمتحدة على مقاسهم ومنحوا أنفسهم حق النقض (الفيتو).. اليوم تتعالى الأصوات مطالبة بإصلاح مجلس الأمن، فمن جهة تسعى أربع دول هي اليابانوألمانيا والهند والبرازيل إلى الحصول على مقعد دائم لكل منها بكل ما يحمله المقعد الدائم من امتيازات أهمها حق النقض، ولكن لكل دولة من هذه الدول من يتصدى لمعارضتها فكوريا تعارض اليابان بحجة ماضيها الاستعماري، وإيطاليا تعارض ألمانيا وتشعر أن لها الحق في مناصفتها في مقعد جديد أو أن يتحول المقعد إلى الإتحاد الأوروبي، والباكستان تسعى لمنع الهند من الحصول على هذا الموقع المتميز، أما البرازيل فتقف أمامها الأرجنتين والمكسيك اللتان تشعران أنه لا ينبغي أن تمثل أمريكا اللاتينية الناطقة بالأسبانية دولة تنطق بالبرتغالية، التتمة ص(17) ومن جهة أخرى تسعى إفريقيا إلى تحسين موقعها في المجلس مطالبة بمضاعفة عدد ممثليها ومنحها مقعداً دائماً ولكنها لا تعرف هل تمنحه لجنوب إفريقيا صاحبة أكبر اقتصاد في إفريقيا، أم تهبه لنيجيريا كبرى الدول من حيث عدد السكان، أم تفوز به مصر صاحبة الدور التاريخي المتميز على الأصعدة الإفريقية والعربية والإسلامية، أم يكون المقعد من نصيب دولة الرئاسة في الإتحاد الإفريقي التي يتم تداولها بين مختلف الأقطار مرة في كل عام، الدول العربية بدورها تريد تثبيت العرف السائد حالياً والذي يقضي بأن يكون لها ممثل في مجلس الأمن بشكل دائم وهناك مجموعات إقليمية أخرى تشعر بأحقيتها في تمثيل دائم. وبشكل عام فإن هناك ما يقارب الإجماع على ضرورة زيادة عدد أعضاء مجلس الأمن من خمسة عشر عضواً إلى عشرين أو أربعة وعشرين، ولكن كثيراً من الدول تبدي تردداً حيال منح أي دولة حق النقض الذي تتمتع به الدول دائمة العضوية بل إن مبدأ ديمومة العضوية في حد ذاته لا يبدو مريحاً لأن البعض يجادل بأن الظروف الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي تبرر لدولة ما هذه المكانة قد تتغير مع مرور الزمن ولذلك يقترح هؤلاء فئة جديدة من فئات العضوية تكون لخمس أو عشر سنوات مع إمكانية التجديد الفوري. وأخيراً فإن مسألة العضوية ليست إلا جانباً واحداً من جوانب إصلاح المجلس، فهناك قضايا كثيرة مثل قواعد العمل والشفافية والمساءلة وتنازع الصلاحيات مع الجمعية العامة وأسلوب اختيار الأمين العام وغيرها من الأمور التي توحي بأن هذا الحوار الذي بدأ منذ حوالي عشر سنوات لن يحسم سريعاً في الأيام أو الشهور المقبلة.