يتحدث كثيرون عن ضرورة إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلا أن الأمر يشبه الشيء الذي لا يستطيع أحد تغييره. وكانت الموافقة على خطة أعدتها ألمانياواليابان والهند والبرازيل، الربيع الماضي، هي أقرب مرحلة وصلت إليها المنظمة الدولية فيما يتعلق بتوسيع نطاق المجلس المؤلف من 15 عضوا. لكن اللحظة جاءت ومضت دون إجراء أي تصويت. وفي كل قمة للمنظمة بنيويورك، يجتمع قادة الدول الأربع لطرح مشروعهم مجددا على الطاولة. ويأتيهم رد المشاركين في الجلسة بأنهم لم يضعوا استراتيجية بشأن كيف ومتي يمكن تنفيذ ذلك. برزت خلال الأعوام الأخيرة ضرورة إصلاح المجلس من حيث توسيع عضويته نتيجة لتزايد عدد أعضاء منظمة الأممالمتحدة الذي تعكسه عضوية الجمعية العامة، بحيث لم يعد المجلس يمثل فعلا المنظمة الدولية بحجمها المتزايد. وقد اتضح ذلك من خلال ثبات العضوية على ما هي عليه منذ عام 1966 رغم التزايد في عضوية المنظمة بعد ذلك التاريخ. ويعتبر المجلس من أهم أجهزة الأممالمتحدة وهو المسؤول عن حفظ السلام والأمن الدوليين طبقا للفصل السابع من ميثاق المنظمة. وللمجلس سلطة قانونية على حكومات الدول الأعضاء في الأممالمتحدة؛ لذلك تعتبر قراراته ملزمة. ويتكون المجلس من 15 عضوا منهم خمسة أعضاء دائمين ولهم حق النقض (الفيتو) وهم روسيا، والصين، وفرنسا، والمملكة المتحدة وأمريكا. والأعضاء العشرة الآخرون تنتخبهم الجمعية العامة ليكونوا أعضاء غير دائمين في المجلس لفترات مدة كل منها عامان. ولكل عضو من أعضاء المجلس صوت واحد. وتتخذ القرارات بشأن المسائل الإجرائية بموافقة تسعة على الأقل من الأعضاء ال15. وتتطلب القرارات المتعلقة بالمسائل الموضوعية تأييد تسعة أصوات، من بينها أصوات كافة الأعضاء الخمسة الدائمين. وهذه القاعدة هي قاعدة «إجماع الدول الكبرى»، التي كثيرا ما تسمى حق «الفيتو»، وهو منظم بحيث يستطيع العمل دون انقطاع. ويجب أن يكون ممثل عن كل واحد من أعضائه موجودا في مقر الأممالمتحدة طول الوقت. وتتناوب الدول الأعضاء في المجلس على رئاسته شهريا، وفقا للترتيب الأبجدي الإنجليزي لأسمائها. وخلافا لبعض الإصلاحات بالأممالمتحدة، فقد كان من المستحيل تقريبا التوصل إلى حل وسط بشأن توسيع مجلس الأمن وزيادة عدد مقاعده نظرا لأن ذلك يعني زيادة الأصوات المعارضة لمنع حصول أي مشروع قرار على أغلبية الثلثين في أي تصويت داخل الجمعية العامة التي تضم 191 دولة. وتطالب أمريكا بتأجيل هذا التعديل مثلما تفعل الصين التي تعارض حصول اليابان على مقعد دائم بمجلس الأمن. وتؤيد بريطانيا وفرنسا موقف الدول الأربع الطامحة في الحصول على مقاعد دائمة. ودعت الخطة التي طرحتها البرازيل وألمانيا والهند واليابان إلى حصول إفريقيا على مقعدين دائمين. وكانت هذه الدول الأربع تأمل في التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الإفريقي الذي يضم 53 دولة وكان له اقتراح مماثل. لكن الأفارقة أصروا على ضرورة تمتع الأعضاء الجدد الدائمين بحق النقض. واقترحت مجموعة أخرى تمثل 20 دولة بينها إيطاليا وكندا وباكستان والمكسيك توسيع المجلس ليضم 25 عضوا. لكنها تريد عشرة مقاعد جديدة غير دائمة. وأخيرا، فإن مسألة إصلاح مجلس الأمن، التي هي جزء من عملية إصلاح كبرى لأجهزة الأممالمتحدة ووكالاتها المتخصصة، هي مسألة شائكة ومستعصية ليس بسبب معارضة الدول الكبرى الدائمة العضوية لها، وإنما بسبب الخلاف الناشب بين الدول النامية فيما بينها كي تصل إلى صيغة محددة لعملية الإصلاح .