في البدء اعتبر المستشار الأسري د. خالد المنيف وجود المشكلات في الحياة الزوجية أمرا طبيعيا وقال: المشاكل الزوجية أمر لابد منه بين الأزواج فهي «ملح الزواج» ولكن علينا الانتباه لكيفية تجنيب أطفالنا لهذه المشاكل وعدم الزج بهم فيها. وحول السن التي يدرك فيها الطفل خلافات الأهل قال: يستطيع الطفل أن يشعر بغضب الأهل وحزنهم حتى قبل بلوغ السنة. وأضاف وهناك العديد من الأبحاث التي تثبت آن الطفل في المرحلة الجنينية يستطيع أن يشعر بحزن الأم أو غضبها، ونحن نعلم أن نفسية الأم الحامل تؤثر على الجنين من ناحية صحية، بالرغم من أن الطفل بجيل مبكر لا يستطيع تفهم الخلافات إلا انه يشعر بالتعابير الجيدة التي تعبر بدورها عن حالتنا النفسية. وتابع أما فهم الخلافات فلا يمكن للطفل أن يفهمها إلا في جيل متأخر، وذكر أن الخلافات تؤثر في الأطفال من ناحيتين أولا بان يشعر الطفل بالخلافات وهذا يؤثر على نفسيته ومن ناحية أخرى إذا كانت الأم في حالة مزاجية سيئة لن نستطيع منح طفلها ما يحتاجه والاهتمام المطلوب به، وحتى لو حضنت الأم طفلها يكون احتضانها له بعصبية، فمن الصعب على الأهل ذوي الخلافات المستمرة منح طفلهم الرعاية الكافية وهذا يؤثر كثيرًا على نمو الطفل ونفسيته. وأضاف ومن المعروف اليوم أن العناية الكافية للطفل والحنان الذي يمنحه الأهل لا يؤثر فقط على نفسية الطفل بل على نموه بشكل سليم، ونموه العقلي. وألمح إلى أن الأهل الذين يتعاملون مع أبنائهم تعاملا ايجابيا مبنيا على التقبل والاهتمام والحنان العاطفي يتطورون عقليًا أكثر من الأطفال المحرومين من رعاية الأهل الذين يرفضون أبناءهم وتعاملهم معهم بشكل سلبي. علاقة طردية وحول العلاقة بين زيادة الخلافات وتعامل الأهل مع الأطفال قال المنيف: هناك علاقة طردية فكلما كانت الخلافات الزوجية أكثر حدة كلما زاد رفض الأهل لأطفالهم. وأضاف هناك العديد من الحالات يتم رفض الأهل لأبنائهم نتيجة الخلافات والمشاكل الزوجية، وفي هذه الحالات يصبح الأطفال هم ضحية الخلافات. واستدرك ولكن هناك حالات عكسية تجد فيها الأم البديل بالعناية الكبيرة الموجهة لأطفالها وهنا التأثير أحيانا يكون سلبيا لان العناية الشديدة تؤدي إلى تضييق الخناق على الأبناء. وأوضح أن الوضع السليم هو الاهتمام بالطفل بشكل كاف ومنحه التقبل والحماية المطلوبة وعدم منحها بشكل زائد. وعلل ذلك بأن الطفل ينقل في أحيان عديدة التجارب التي يعيشها حتى بدون رضاه عن هذه الأمور التي من الممكن أن يعتبرها خلافات سلبية أن ينقلها فيما بعد. وأضاف فمن المعروف أن الطفل الذي ينشأ في جو محاط بالعنف يصبح هو أيضا عنيفًا، ويمكن أن يستعمل هذا العنف بالمستقبل لتربية أطفاله بدون سيطرة وليس لأنه يريد إعادة هذه التجربة ولكن بدون إدراك وسيطرة على ذاته يكرر هذه الخلافات العنيفة نتيجة مشاعر داخلية تكونت لديه من خلال تجاربه مع أهله. وأشار إلى أن الطفل المعنف، يكون الضحية لأعمال من العنف كالضرب. وقال: الطفل المعنف يترعرع مع مشاعر نقص ومشاعر ضغط والشعور بالعجز، وهذه المشاعر تسيطر عليه في المستقبل بدون وعي لخطورة هذه المشاعر وانعكاسها على الأفعال التي يقوم بها. وأضاف والأطفال الإناث يعانون من هذه المشكلة وليس فقط الأطفال الذكور، فالأمهات المعنفات في الصغر يصبحن أمهات عنيفات مع اطفالهن في المستقبل. النزول الميداني ومن جانبه أكد المستشار الأسري د. خليفة المحرزي على أهمية النزول إلى الواقع الاجتماعي لحل المشكلات الزوجية وقال: من المعلوم أن طبيعة المشكلات الزوجية لا يستطيع أي فرد أن يعالجها أو يفكك رموزها المستعصية كما يتصورها البعض. وأضاف وحتى كبار المتخصصين في شتى العلوم الإنسانية، لا يمكنهم فهم أسرار العلاقة الزوجية بالصورة المثلى، أو حتى مجرد الاقتراب من حماها، أو الوقوف على معلم جوهري من معالمها التي تمتاز بالسرية الخصوصية، إن لم يكونوا ضالعين بها بالصورة الكافية التي تجعلهم مؤهلين ببعض الأدوات النفسية والذهنية اللازمة للعملية العلاجية، وبخاصة ما يتصل بالزوجة من نفسية ومشاعر تكون عليها عندما تنتابها مشاعر الضيق والنفور والكراهية تجاه زوجها، سواء كان من غير سبب أو بسبب ظاهر. وأوضح أن المرشد الأسري إذا لم يتعامل مع المشكلات الزوجية بشيء من الواقع والنزول الميداني والاحتكاك المباشر مع أصحاب الحالات الزوجية التي تعاني في حياتها من بعض الأزمات والمشكلات التي تعترض مسيرتها، فإنه لن يستطيع التوصل إلى العلاج المناسب وإعطاء الوصفة الناجعة التي تشفي النفوس من أضغانها الملتهبة. وقال: النفس البشرية بئر عميقة لا يقف على ظاهرها وباطنها سوى خالقها - جل في علاه - ولا يضع الحلول السوية والحاسمة والمريحة لهذه النفس سوى الله تعالى عبر كتابه الكريم وسنة نبيه المصطفى عليه الصلاة والسلام حيث صنف النفس وعرف مراتبها وشؤونها وكيفية التعامل معها. وأضاف أن هذا هو المنهج الذي يستقي منه المختصون في معالجة مثل تلك المشكلات، وأشار إلى أن الإسلام جاء بالحلول المناسبة لعلاج المشكلات التي تقع بين الزوجين سواء أكانت من غير سبب ظاهر أم بسبب واضح جلي، وذلك لحماية أفراد المجتمع من الآثار المدمرة لهذه المشكلات وتداعياتها على أفراد الأسرة، وتداركها بالعلاج الإسلامي الناجع، للقضاء على أساس الداء قبل استفحاله في الوقت المناسب، وبمنتهى الحكمة والواقعية والإنصاف. الأثر العكسي وحول موقف الأزواج من المشكلات الزوجية قال: لا يدرك الكثير من الأزواج حقيقة المشكلات التي تجثم على حياتهم، إلا عندما يشعرون بأثرها العكسي في الممارسة العامة لحياتهم الزوجية، وملاحظة التغير الذي طرأ على نفسية الطرف الآخر بشيء من اليقين. وأضاف إن الكراهية والجفاف العاطفي والعناد والمزاجية ما هي سوى نتائج لتلك الممارسات التي يشعر بها الأزواج في هذه المرحلة العصيبة من حياتهم، والتي نسميها بمرحلة النفور الزوجي. وأوضح أن الزوج عادة لا يرى أن العلاقة الزوجية بدأت تدخل مرحلة جديدة إلا عندما يتأكد يقينا من أن المشاعر والأحاسيس التي كانت تدر حبا وغراما وشوقا قد بدأت تنقلب إلى شيء من البغض القلبي، والنفور الذاتي، والرفض النفساني، المتمثل في طغيان مشاعر الصدود وتجنب الاحتكاك بالطرف الآخر، مخافة أن يدر المزيد من الاحتقان، عندئذ يشعر الزوج بوجود مشكلة زوجيه قائمة في بيته خاصة عندما يرى الكراهية في عين زوجته. حلول المشكلات وبدوره طرح المشرف العام على موقع ناصح د. مازن الفريح حلول وآليات تخفيف غضب الزوج وقال: الغضب باب من أبواب الشيطان يلج منه فيدمر على الزوجين حياتهما ويفسد حبهما. وأضاف وكم من البيوت هدمت بكلمة غاضبة أطلقها الزوج أو الزوجة فكان الفراق، ولهذا فإن من الأهمية بمكان أن يحسن الزوجان التصرف في حال غضبهما أو غضب أحدهما على الآخر. وحول القواعد التي ينبغي للزوجة الحكيمة أن تلتزمها حال غضب زوجها لكي تتجاوز غضبه وتعينه على أن يحكم زمام نفسه خاطب المرأة قائلًا: احرصي على رضاه «أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة» تذكري هذا لكي تنفذي ما سأقوله لك وتصبري عليه، فالوقاية خير من العلاج، حاولي أن تلبي رغباته، وتقومي بحقوقه وتسرعي في قضاء حاجاته. وأضاف اجتنبي أسباب غضبه قدر المستطاع، اعتذري عن الخطأ، إذا أخطأتِ فاعتذري إليه، وحاولي أن تسوّغي خطأك بأعذار مقبولة، لا تدخلي معه في نقاش يتحول إلى شجار، فالانسحاب من ساحة الجدال يطفئ جذوة الغضب، ويتيح المجال للطرفين لمراجعة النفس. وتابع لا تحاولي أن تفحميه، وتبيني له أن تقصيرك إنما جاء نتيجة لتقصيره، أو أن تقصيرك لا يُعدُّ شيئًا أمام تقصيره في حقك.