السعودية تتصدر العالم بأكبر تجمع غذائي من نوعه في موسوعة غينيس    لبنان - إسرائيل.. 48 ساعة حاسمة    السجن والغرامة ل 6 مواطنين.. استخدموا وروجوا أوراقاً نقدية مقلدة    جمعية لأجلهم تعقد مؤتمراً صحفياً لتسليط الضوء على فعاليات الملتقى السنوي السادس لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة    هيئة الموسيقى تنظّم أسبوع الرياض الموسيقي لأول مرة في السعودية    التعليم : اكثر من 7 ٪؜ من الطلاب حققوا أداء عالي في جميع الاختبارات الوطنية    الجدعان ل"الرياض":40% من "التوائم الملتصقة" يشتركون في الجهاز الهضمي    مستشفى الدكتور سليمان فقيه بجدة يحصد 4 جوائز للتميز في الارتقاء بتجربة المريض من مؤتمر تجربة المريض وورشة عمل مجلس الضمان الصحي    «الإحصاء»: الرياض الأعلى استهلاكاً للطاقة الكهربائية للقطاع السكني بنسبة 28.1 %    الطائرة الإغاثية السعودية ال 24 تصل إلى لبنان    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    السعودية الأولى عالميًا في رأس المال البشري الرقمي    سجن سعد الصغير 3 سنوات    حرفية سعودية    تحديات تواجه طالبات ذوي الإعاقة    تحدي NASA بجوائز 3 ملايين دولار    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    «الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    فصل التوائم.. أطفال سفراء    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    ضاحية بيروت.. دمار شامل    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    ألوان الطيف    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    القتال على عدة جبهات    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    المملكة تستضيف المعرض الدوائي العالمي    كلنا يا سيادة الرئيس!    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«حقوق على الورق» مع وقف التنفيذ!
نشر في الداير يوم 02 - 12 - 2010

ملف «الرياض» تزامناً مع «اليوم العالمي للطفل» أحباب الله.. خارج دائرة القرار (3-4)
يبدو واضحاً أن هناك قصوراً في التعاطي مع "حقوق الطفل" في العالم العربي، وهو ما يجعله صامتاً أمام "حقوق" لم تحدد له، وإن حددت ووضعت لها الأنظمة لا يوجد من يحميها ويحمل على عاتقه تنفيذها، بل ومعاقبة من يسيء إليها، إما بانتهاك حقوقه أو ممارسة الأذى معه، وربما في التعاطي مع مشاكله واهتماماته.
وأكد عدد من المختصين والمهتمين في شؤون الطفل على أن المؤسسات التنفيذية مازالت بعيدة عن واقعه، وأن هناك فجوة كبيرة بين الحدود التي يقف لديها التحرك من أجل الطفل، وبين الحواجز التي يجب أن يقفز فوقها، فالطفل المظلوم من قبل المجتمع لا يجد من يحميه، والطفل المستغل من قبل أسرته لا يجد من يعاقبها، والطفل كثير الأخطاء لا يجد من يُقوِم سلوكه دون عقاب؛ ليدمر نفسيته وثقته بنفسه، فجاء التأكيد على ضرورة إنصاف الطفل بتخصيص جهات حكومية تهتم به دون سواه، وأن تحمل على عاتقها التخطيط لكل ما يتعلق به.
في الحلقة الثالثة ننقاش الأسباب التي غيّبت المؤسسات التنفيذية المخصصة للطفل والتي لا بد أن يوكل لها القرار والحماية في جميع ما يهمه، ونبحث كذلك عن إجابات بعض الأسئلة مثل: لماذا يتم تسييح الأدوار المتبادلة بين بعض المؤسسات الاجتماعية كجمعية حقوق الإنسان والتكافل الأسري وحماية الأسرة وعلى رأسها وزارة الشؤون الاجتماعية؟، وأي تلك المؤسسات لا بد من إعادة هيكلتها لتعني بقضايا الطفل وأن تنصفه دون اعتبارات أخرى؟، وما هي أهم القضايا التي تقع عليها تلك المؤسسات والتي وصفت نفسها بأنها مؤسسات بحثية تبحث في المشكلة، ولا تملك صلاحيات القرار فيما يخص الطفل؟، ولماذا يتأخر القرار في البت في قضايا الأطفال المستغلين من قبل أسرهم؟، ولماذا يُزج بعض الأطفال غير الآمنين في محيط أسرهم إلى دور الرعاية؟.
مسؤولية الوالدين
في البداية يؤكد "د.إبراهيم الجوير" عضو مجلس الشورى أنه لا يعتقد أن للأوضاع المادية دوراً كبيراً في الاهتمام بالطفل، سواء كان علمياً أو تربوياً، حيث يرى أن (20%) من المجتمع يمثلون الطبقة الثرية، في حين يشكل أيضاً (20%) الطبقة الفقيرة، ويبقى (60%) من المجتمع يمثلون الطبقة المتوسطة، مضيفاً أن هذه الشريحة الكبرى هي المسؤولة عن مزيد من الاستمرار في المجتمع، والطفل ينشأ داخل الأسرة سواء أكانت أسرة بإمكانيات عالية أم متوسطة أو فقيرة، وهو بحاجة ماسة إلى العطف والحنان والرعاية والمتابعة، وهي الأمور المهمة التي يقوم عليها التعاطي مع الطفل، مشيراً إلى أنه تقع مسؤولية توفير الأمور الأساسية في حياة الطفل على الوالدين، سواء كانت تلك الأشياء تربوية أو عقلية أو مادية، مستبعداً أن يكون للطفل مطالب مادية كبيرة تكون أكبر من إمكانيات الأسرة التي يعيش فيها.
الأسرة والمدرسة
وأوضح "د.الجوير" أن غالبية المبدعين والعلماء والمفكرين الذين أثروا على الأمة خرجوا على الأغلب من أسر بسيطة، وفي النهاية لا بد من توفير سبل الإمكانيات الجيدة التي تخلق لهم بيئة صالحة ليتعايش معها الطفل، والمحضن الأساسي في ذلك الأسرة، وتسهم المدرسة في خلق تلك البيئة جنباً إلى جنب مع الأسرة، فالمدرسة عليها أن تقوم بإعادة التنشئة الاجتماعية والتربوية والتعليمية، وإعادة صياغة المسار للطفل، إلاّ أن ذلك لا يخلو بعض المؤسسات من المسؤولية، خاصة بأنها تؤثر بشكل كبير على تنشئة الطفل وتربيته والتي تتمثل في الأجهزة الإعلامية المختلفة، لافتاً إلى أن الطفل من أكثر المشاهدين للتلفاز، ومن أكثر من يتأثر بالمنتجات الحديثة، وهو أسرع من غيره في تقبل هذه الأشياء، فيؤثر ما يشاهده عبر القنوات الفضائية بشكل كبير، على تركيبة وصياغته، ذاكراً أنه يجب أن ندرك بأن المؤسسات الإعلامية مؤثرة جداً في تشكيل الطفل عبر الحياة.
قضايا الحضانة والنفقة بحاجة إلى «نظام قوي» يحمي الأطفال من الضياع والاضطراب النفسي
عصر المؤسسات
وطالب "د.الجوير" أن يكون هناك مؤسسات متخصصة تقوم بالعناية ببرامج الطفل وتهيئة الأجواء المناسبة له، خاصةً بأننا نميل إلى عصر المؤسسات، حيث أصبحت وظيفة الأسرة تتقلص شيئاً فشيئاً أمام تزاحم الفرضية في حياة الطفل والأسرة والناس، وأصبحت العلاقات الاجتماعية فرضية ونفعية ومؤقتة؛ لذلك وجود مؤسسات ذات مصداقية وقدوة وتأثير، ستكون ذات فائدة، مشيراً إلى أنه ليس على تلك المؤسسات أن تتولى الأمر مباشرةً حتى لا تفقد الأسرة المهمة التي لا بد أن تقوم بها بصفتها المؤسسة التربوية الأولى في صياغة الأطفال، فالأسرة لابد أن تكون مسؤولة في تنمية الطفل والبحث ثم تساعد تلك المؤسسات في ذلك التوجيه.
الحلقة الأضعف :
وأكد "د.الجوير" على أن الطفل في المجتمع يمثل الحلقة الأضعف، فالمسألة تقوم دائماً في كثير من المجتمعات على مبدأ خذ وطالب، فالطفل هنا لا يطالب، وهو السبب الذي يجعل حقوقه غير مهتم بها، مضيفاً أنه نتيجة لذلك فنحن بحاجة إلى مؤسسات حكومية قوية تعني به من جميع الجوانب، فالطفل منذ أن يولد حتى سن السابعة تمثل هذه المرحلة بالنسبة له أهم مراحل عمره في الحياة وعليها يتشكل، لافتاً إلى أنه لابد أن يكون هناك عناية كبيرة به قبل أن يصل إلى مرحلة المدرسة والتلقي والتعليم، وقبل أن يصل إلى مرحلة تعبيره عن مطالبه، ولابد أن يكون هناك من يعني بهذه المطالب، ذاكراً أنه لابد أن تعني تلك المؤسسات بمراحل النضوج ومراحل الانتباه ثم تأتي مرحلة وضع أسئلته وتأملاته، وهنا لا بد أيضاً أن توجد مؤسسات متخصصة للطفل تخلق له عالمه وينعكس ذلك على المجال الصحي والهندسي وفي تصميم المباني والشوارع والطرقات والغرف، وبكل ما يمكن أن يكون له علاقة بتنمية الحس الفني والجمالي والإبداعي والمعرفي لدى الطفل.
جهات ليست تنفيذية :
وعلى الرغم من أن مشروع حماية الطفل من الإيذاء أثير في مجلس الشورى وقد تناول بالمناقشة والطرح، إلاّ أن "د.سهيلة زيد العابدين" العضوة في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وعضو المجلس التنفيذي ترى بأن الخلاف الكبير في حلقة النقاش تلك أثير حول سن الطفولة، حيث إن بعض أعضاء مجلس الشورى في الشريعة الإسلامية اعترضوا على وصول سن الطفولة إلى سن الثامنة عشرة، حيث إنه شرعاً يكون الطفل طفلاً حتى سن الخامسة عشرة، وذلك رأي بعض أئمة الفقهاء، في حين أختلف البعض معهم، أما عن تعاطي بعض الجهات المعنية بحماية الطفل كمؤسسات التكافل الاجتماعي وجمعية حقوق الإنسان والتضامن الأسري وغيرها من المؤسسات الموجهة لحماية الطفل والتعامل مع قضاياه، فأوضحت "د.سهيلة" بأنها جميعاً جهات ليست تنفيذية، لذلك فدورها دائماً يقتصر على الملاحظة وتقديم التقارير، مضيفةً أن مشاريع بعض الأنظمة والقوانين التي تخدم الطفل يتم تقديمها للجهات المعنية، وهي بدورها تقوم باتخاذ الإجراءات التي تضعها موضع التنفيذ.
حمايته من الإيذاء
وأكدت "د.سهيلة" أن من أهم القضايا التي لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار فيما يخص الطفل، تتمثل في حمايته من الإيذاء، وأن يقف القضاء موقف الإنصاف للطفل، وللأسف نجد أن القاضي ينحاز في تعاطيه مع قضايا الطفل للأب أكثر من الطفل، حتى وصل الأمر سوءاً في بعض الأحكام القضائية الصادرة في حق الطفل، أن ينتزع من أمه ويعطى للأب وهو مازال في سن الحضانة والأم ليست متزوجة، وربما كان الطفل في سن الرضاعة والأب ليس لديه من يرعى الطفل، وربما كان الأب مدمن مخدرات ويقوم بالتحرش في بناته، أو ربما وجدت لديه زوجة تقوم بتعذيب الأطفال، حيث أثبتت الكثير من حالات تعذيب الأبناء خاصة البنات من قبل زوجة الأب حتى يصل الأمر بهن إلى الوفاة، وربما تزويج الصغيرات القاصرات من أكثر القضايا التي تنتج من تسليم الأب غير المؤهل لرعاية وتربية الطفل بعد انتزاعه من أمه المطلقة، حيث يتم تزويج القاصر بدون علم الأم، مشيرةً إلى أن جميع تلك القضايا لابد أن ينظر إليها، والاهتمام فيما يتعلق بحقوق الطفل، خاصةً من الناحية القضائية، فلابد أن يكون هناك حيادية وموضوعية في التعاطي مع قضاياه.
الأصلح من الوالدين
وأكدت د.سهيلة" أنه كثيراً ما يتم استبعاد المرأة عن القضاة بسبب وصفها بالعاطفية، وبأنها قد تنحاز بسبب عواطفها إلى طرف دون آخر، إلا أن الانحيازية واضحة جداً لدى القضاة الذين ينحازون للأب، فالقاضي لابد أن يحكم في قضايا الطفل للأصلح من الوالدين، سواء كانت تلك المصلحة المتعلقة بالطفل للأب أو الأم، على أن يشمل ذلك الأم المتزوجة، فلابد أن لا يسقط حقها في الحضانة إذا كانت متزوجة، مضيفةً أن ذلك ليس مبرراً، والأخذ ببعض الأحاديث التي تنص بعدم أحقية الأم المتزوجة بحضانة أطفالها يجب أن يكون بعد التثبت منها لأنها ضعيفة، لافتةً إلى أن قضية "تكافؤ النسب" تعد من أكثر القضايا التي يكون الطفل فيها المتضرر في المقام الأول، متسائلةً: ما ذنب تطليق المرأة من زوجها لعدم تكافؤ النسب مع وجود الأطفال؟، ومن يحميهم؟، موضحةً بأن هناك الكثير من الأحكام القضائية والفقهية مبنية على أحاديث ضعيفة تخالف مصلحة الأطفال، وتكون هي السائدة بين الناس، بل ويتم التعامل على أساسها، مشددةً على أهمية وجود نظام يجرم العنف ضد الأطفال، بوضع عقوبة كبيرة وصارمة على من يمارس العنف ضدهم بكل أشكاله، كما لابد من استحداث نظام يحمل مشروع علاج المعنفين، وإعادة تأهيل من يستخدم العنف، ليبتعد عن هذا الأسلوب، فالقصور فيما يخص قضايا الأطفال كبير ولم يتعامل معه بشكل جاد.
دور الإيواء
وتتفق "د.سهيلة" على عدم صلاحية دور الإيواء كحل لحماية الطفل في حالة تم إثبات العنف عليه أو الإيذاء، حيث إنها غالباً ما تكون دور استضافة لمدة أشهر، تنتهي بكتابة ولي الأمر بتعهد بعدم إيذاء الطفل، دون التدخل لحل المشكلة أو وضع الحلول الجذرية لحمايته، فليس هناك تهيئة نفسية حتى للمستخدم للعنف على الطفل، كما أن هناك قصوراً واضحاً في دور الأيتام بسبب عدم تأهيل القائمات في دار الأيتام من الموظفات، كما أن وجود الطفل في دور الأيتام بعد أن يؤخذ من أسرته قد يسبب له انتكاسات نفسية كبيرة، لذلك لابد من تهيئة الجو الصحي للمعنفين وللأطفال الممارس عليهم العنف والأذى، مضيفةً أن مشكلة أطفال الشوارع والتي تنتج عن استغلال الأطفال بطريقة سيئة من قبل الأسرة، من أهم القضايا التي لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار، مع ضرورة حل مشكلة الفقر أولاً، والبحث عن أسباب دفع الأسرة له للعمل سواء كان عن طريق أعمال حرفية أو التسول بعد أن يترك المدرسة، ليتحمل الطفل فوق طاقته، خاصةً حينما يعمل في محطات الوقود، أو دفعه إلى التسول وبالتالي انتمائه إلى أولاد الشوارع، الذين يتعرضون للمخاطر من تناولهم للمخدارات واستغلالهم بالاغتصاب سواء ذكور أو إناث، مشددةً على ضرورة حل مشكلة الفقر بتوفير عمل للأم والأب، ودفع الطفل للتعليم، فعلى الرغم من حرص الدولة على مكافحة الفقر بوضع الكثير من الحلول، إلا أن الجهات التنفيذية المعنية مازالت غير مفعلة لتلك الجهود بالشكل الصحيح، فهي المكلفة بوضع خطة لمكافحة الفقر وتطبيقها، إلى جانب تعاون مؤسسات المجتمع المدني معها لحل تلك المشاكل من جذورها.
الانفتاح والمصارحة
وأوضحت "إيمان الخطيب" المحاضرة في كلية اللغات والترجمة وكاتبة قصص الأطفال: أن الأسرة التي تعتمد في أسلوب تعاملها على أسلوب الانفتاح والمصارحة بعيداً عن التهديد، والحوار المبني على الأمن والثقة والتفاهم بدلاً من الأوامر المجردة، هذه صفات أسرة "العمود الفقري"، حيث يتعلم الأبناء تحمل المسؤولية، وبالتالي يتعلمون التعامل مع أخطائهم لكن بدعم ومساندة الوالدين.
وعن صور العقاب الصحيحة المستخدمة مع الطفل، قالت: من الضروري أن يكون واضحاً لدى الوالدين والمربين أن الهدف من العقاب تقويم السلوك وليس الألم وكسر الشخصية، فيكون العقاب من نوع العمل، وفي كثير من الأحيان هنالك أساليب أخرى غير مباشرة، فمثلاً أريد ابني أو ابنتي أن يرتب غرفته، ويمكنني أن أعطيه خيارات مثل: أن تسرع بترتيب الغرفة لتتمكن من مرافقتي في زيارة أو إلى المكان الفلاني، أو ستبقى فيها حتى يتم ذلك ويترتب عليه عدم اصطحابه للزيارة بسبب التأخر، ذاكرةً أن أفضل ما جربت مع أبنائها وضع قوانين منزلية، وضعوها بأنفسهم خلال اجتماع أسري سبقه سرد قصص جهزتهم ذهنياً بأهمية وضع قوانين أسرية تحمي الجميع ولمصلحة الجميع، فكان من ضمن ذلك تحديد ركن في البيت اسمه ركن العقاب، فإذا حدثت مشاجرات يعاقب المعتدي والمعتدى عليه بالبقاء في ذلك الركن، بالإضافة إلى التأمل في خطئهما، وبالطبع تكون فترة المعتدى عليه أقصر وتنتهي الفترة عندما يوضح سبب عقابه، وأنه كان عليه أن يتصرف بأسلوب ذكي لا يعرضه لذلك الاعتداء ولو أنها تحاورا لكان خير لهم.
قراءة القصص
وتذكر "إيمان الخطيب" أن هناك أسلوباً آخر وهو القيام بقراءة القصص التي تقوّم السلوك بأسلوب غير مباشر، قبل حدوث المشكلة، حيث إن أطفال أسرة العمود الفقري -السابقة الذكر- يتعلمون من أخطائهم فضلاً من أن يوبخوا عليها، بل ويتعلمون عن طريق الحوار المستمر ويدربون على التفكير الإيجابي للتعامل مع الأخطاء، موضحاً أن الأسرة تكون وحدة واحدة تسند بعضها البعض، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، لافتةً إلى أن المقولة الشهيرة التي تقول: "إن الأطفال هم من يربونا ولسنا نحن من نربيهم"، فهي تنبثق من قلة وعي وإدراك وإهمال للأطفال، وتوضح أن هنالك فجوة كبيرة بين الناطق بها وأبنائه، ولكن دعونا ننظر لها من زاوية إيجابية لنقول: "نحن نتعلم الكثير من أبنائنا وطلابنا".
من أي الأسر أنت: «القلعة» أم «الهلامية» أم «العمود الفقري»؟
دعت «إيمان الخطيب» المحاضرة في كلية اللغات والترجمة وكاتبة قصص الأطفال إلى رسم خطة متكاملة لتربية الطفل والتعامل معه في أوقات الأزمات، مشيرة إلى أن الفشل لا يزال حليف معظم الأسر، خاصة عند وقوع مشكلة ما.
وقالت إن هناك ثلاثة أنواع للأُسر -حسب تصنيف بعض التربويين-، وهي: الأسرة «القلعة»، والأسرة «الهلامية»، وأسرة «العمود الفقري»، فالأولى لا تقبل النقاش وتأمر فتطاع، والأطفال في تلك الأسرة مسيرون وليسوا مخيرين، وشخصيتهم مسلوبة، وبالتالي يصبحون غير قادرين على اتخاذ قرارات، أو ناقمين ينتهزون الفرص ليقوموا بما يحلو لهم دون تقدير للمسؤولية، ودون إدراك لعواقب الأمور.
وأضافت:إن «الأسرة الهلامية» هي التي تترك أطفالها دون إشراف أو توجيه؛ بسبب أن الوالدين أو أحدهما منحدرين من أسرة القلعة، فعاهدوا أنفسهم بأن لا يقسوا على أبنائهم، وأنهم سيتركونهم ليستمتعوا بحياتهم، أو أن الوالدين كثيرا الانشغال فليس لديهما الوقت الكافي للحوار والتوجيه والاحتواء، فيتركا «الحبل على الغارب»، وقد يفاجآ بعد فوات الأوان أن أبنائهما غير سعيدين؛ لأنهم لا يشعرون بالاهتمام، بل ويسيرون في طريق غير محمود.
وأشارت إلى أن «أسرة العمود الفقري» تعطي أبناءها الثقة والدعم المطلوب ليبدعوا وينموا ويطوروا أنفسهم، وتعلم أطفالها كيف يفكرون؛ فالأطفال في هذه الأسرة يتعلمون الحوار والنقاش والتعبير عن آرائهم، كما أن الوالدين يكونا بمثابة العمود الفقري للأسرة، ويقدمان الدعم ليتمكن باقي أعضاء الجسم من الوصول إليهما بمرونة وتلبية احتياجاتهم، ومساعدتهم في التغلب على مشاكلهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.