قال الضَمِير المُتَكَلّم: لو قادتك الصدفة إلى رحلة دولية طويلة بالطائرة؛ فسوف تسجل ذاكرتك صورة ذلك (المسافر الغربي أو الأوربي) الذي يقضي وقت الرحلة في مطالعة كِتَاب ورقي أو كمبيوتري، بينما المسافر العربي يُفْنِي وقته في مطاردة المضيفة بنظراته، أو يزعج جاره بشخيره وتنهداته، أو يلهو بنتف لِحْيته وشَنَبَاته؛ أما القراءة فهي آخر اهتماماته على الطائرة أو في كل تفاصيل حياته!! يؤكد ذلك التقرير الذي صدر قبل أيام عن مؤسسة الفكر العربي حول (التنمية الثقافية في الوطن العربي)؛ وفيه أنه هناك كِتَاب يصدر لكل (12 ألف مواطن عربي)، بينما هناك كِتَاب يطبع لكل (500 إنكليزي، وكِتَاب لكل 900 ألماني)؛ وفيه أيضًا أن معدل القراءة في العالم العربي لا يتجاوز (4%) من مُعَدل القراءة في إنكلترا!! كذلك فقد ذكرت بعض الإحصائيات أن المواطن العربي يقضي في القراءة فقط (6 دقائق) في العام، مقابل (200 ساعة) للمواطن في أوروبا وأمريكا!! وبما أن القراءة حياة للشعوب ومفتاح المعرفة للوصول إلى الرقي والتقدم في شتى المجالات؛ فربما تَأخُّر فِكْر كثير من المجتمعات العربية أحد أبرز أسبابه (هَجْرها للقراءة)!! والكثيرون في مجتمعنا السعودي -وحسب الواقع- يجافون القراءة ويهجرونها، ولا سيما من فئة الشباب؛ وهنا فلا بد من حملات وطنية وبرامج حقيقية للقراءة لتكون للجميع!! ومن ذلك أن تقوم وزارة الثقافة بالتعاون مع مؤسسات أخرى بإشاعة الميل للقراءة والرغبة فيها بين أفراد المجتمع بمختلف الوسائل الترويجية والتشجيعية؛ وبخاصة في المدارس والجامعات!! ثم أن تعمل على نشر المكتبات العامة في الأحياء، وطباعة الكتب طبعات شعبية رخيصة، وتدوير معارض الكتب الكبيرة بين مناطق ومدن المملكة، وكذا تنفيذ مكتبات متنقلة بمركبات تجوب الطرقات، وتَسكن أماكن تَجَمّع الناس!! والإفادة من التجارب في هذا المجال، ومن ذلك مبادرة يقودها مجموعة من الشباب القطري بعنوان (تدوير المعرفة) تَهْدف إلى دعم مشروعات القراءة بنشر الكتب المستخدمة والمقروءة، حيث ترصد المبادرة (2000 كتاب سنويًا) يتم توزيعها بسِعْر رمزي لا يتجاوز (ريالين) لكتب ذات قيمة وجودة عالية!! وأخيرًا القراءة غذاء للروح ومتعة للنفس، والمصدر الأصيل لبناء الإنسان وتنمية ثقافته، القراءة تحفظ الوقت، وتضبط السلوك؛ فما أحوجنا أن نَصْنَع إنسانًا بأنّ نزرع فضيلتها في نفوس الناشئة ومهمة ذلك تقع على الأسرة والمدرسة، وتلك قصة أخرى!! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة.