لوجود الكثير من المظاهر التي تُحزن القلب وتُدمع العين نظرًا لسلبيتها وبعدها عن الانتماء الحقيقي لهذه البلاد المباركة، فلنأخذ المشاريع الحكومية التنموية مثالًا لمقالنا؛ والتي تصب فائدتها في تهيئة سبل العيش الكريم لأبناء هذه البلاد وتخفيف المعاناة عنهم وجلب النفع لهم، سواء كانت هذه المشاريع متعلقة بالأمانات والبلديات، أو الصحة والزراعة، أو التعليم والطرق، ولا يُخفى على كل ذي عقل الفائدة المرجوة من هذه المشاريع والجدوى الاقتصادية لها، كُلٌّ في مجاله، وكلٌّ منها يخدم شريحة ما في المجتمع. المقاول المنجز الملتزم بالمواعيد، الحريص على التنفيذ بالدقة والحدود المصمم بها المشروع، الحريص أيضًا أن يكون هذا المشروع نموذجًا يحتذى، حيث وَفَّر له المهنية الكافية والمواد اللازمة لسرعة الإنجاز، وشعر أنه بذلك يخدم هذه البلاد المباركة وأهلها، وأن هذا المشروع يساهم وبشكل فاعل في رقي هذه الدولة ونمائها وازدهارها.. هذا نموذج للمقاول الذي عرف الانتماء الحقيقي لهذا الوطن، على عكسه ونقيضه ذلك المقاول المتساهل، الذي يبحث عن كل ما يعيق تنفيذ المشروع المُكلَّف به، وتأخيره بحجج واهية، كعدم وجود العمالة أو صرف مبالغ المشروع، والتي من البديهي يجب أن تُصرف مع قدر نسبة الإنجاز، ذلك المقاول لم يعرف أنه إذا أنجز مشروعه فقد ساهم وبشكل فاعل في خدمة الأمة وتخفيف المعاناة، فمثلًا إنجاز المشاريع الصحية كم يخدم من فئات تحتاج إلى رعاية صحية، وكذلك مشاريع المدارس كم تخدم من أبنائنا وفلذات أكبادنا، وتهيئ لهم البيئة التربوية السليمة، وكذلك مشاريع الطرق، ولو كان لدى هذا المقاول المتهاون والمؤخر للمشاريع انتماءً حقيقيًا لهذه الأرض الطيبة لأنجز مشروعه في الوقت المحدد له ولبذل الجهد في سبيل تحقيق ذلك، فكم عانينا من تأخر مشاريع عن موعدها، فهل هذا المقاول عرف معنى الانتماء الحقيقي وعرف دوره في رفعة الوطن وتقدمه وازدهاره، وهل أدرك كل هذه المعاني النبيلة وعرف أن من فرّج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة؟!، هذا ما أردت إيصاله ودمتم سالمين. فهد خصيوي العمري - المدينة المنورة