رغم المخاطر التي تحيط بأفراد بعثة المراقبين العرب إلى سوريا، وسقوط أحد أفرادها جريحًا في اليوم الأول من بدء عملها، إلا أن مهمة هذه البعثة والهدف منها لا ينبغي أن تقتصر فقط على نقل صورة حقيقية لما يجري فعليًا على أرض الواقع من قمع للمحتجين واستخدام مفرط للقوى لاسيما في ظل تصعيد العنف الذي بلغ ذروته عشية وصول البعثة إلى مدينة حمص حيث وصل عدد الضحايا إلى 60 قتيلاً في يوم واحد، فيما استمر حصار حي بابا عمرو الذي يعتبر الحي الأكثر استهدافًا في أعمال العنف في حمص، وقصفه بالدبابات والمدفعية الثقيلة دونما أي اعتبار لوصول البعثة إلى تلك المدينة المحاصرة لليوم السابع على التوالي. وصحيح أن البعثة ليست قوات ردع عربية، إلا أنه يفترض أن تشتمل مهمتها أيضًا على التدخل لدى السلطات السورية لوقف الحصار وأعمال العنف التي تستهدف المدنيين، فالمبادرة العربية والبروتوكول الذي لا يمكن الفصل بينه وبين المبادرة، وحتى المشروع الروسي في مجلس الأمن تهدف جميعها إلى وقف العنف فورًا. استمرار الحصار والقصف وأعمال القتل والترويع التي تستهدف الأهالي يتناقض مع موافقة سوريا على استقبال البعثة التي تهدف أساسًا إلى حماية المدنيين، وإذا كان ثمة عصابات إرهابية تستهدف قوات الأمن السورية، فإنه لا يفترض أن تقوم تلك القوات بقصف المدنيين والأبنية السكنية واستخدام الأسلحة الثقيلة ضد المدنيين العزل كما تتناقله كاميرات الجوالات وشهود العيان ليلاً ونهارًا . لاشك أن النتائج الأوَّلية؛ ثمَّ النتائج النهائية، لعمل بعثة المراقبين العرب، هي التي يمكن أن تتضح في ضوئها معالم المسار الجديد للأزمة السورية، وكيفية التعامل معها، لأن استمرار العنف واستمرار قتل المدنيين لا يعدو كونه محاولة فاشلة من النظام لا يمكن إخفاؤها عن أعين الحقيقة التي ذهبت البعثة العربية لتوثيقها على أرض الواقع، وهو ما يفترض معه تحلي أفراد البعثة بالشجاعة والنزاهة لنقل صورة حقيقية وحية لما يجري الآن في حمص، وخاصة حي باب عمرو بما في ذلك توثيق مشاهد الدمار في الحي، وتفقد القتلى والجرحى في المستشفيات، ومقابلة الأهالي، وجمع أكبر قدر ممكن من الإحصاءات ذات الصلة.