شدتني الفتوى التي أصدرها فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مؤخرًا خلال خطبة الجمعة بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب بالدوحة والتي ذكر فيها بأن الاتحاد الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قادة دول مجلس التعاون الخليجي في قمتهم الأخيرة في الرياض «فريضة يفرضها الدين وضرورة يحتّمها الواقع»، وأضاف سماحته: «إن دعوة الملك عبدالله إلى الاتحاد تمثل منطق العصر والإسلام والقرآن، ونحن مع خادم الحرمين نشكره ونؤيده»، ودعا سماحته دول المجلس إلى الاتحاد وأن يكون لها جيش واحد وموحد وعملة موحدة. لقد استشعر المليك حفظه الله -بنظرته الثاقبة دومًا للأحداث- الأخطار المحدقة بالأمة والدسائس المحيطة بنا، ومن هنا جاءت دعوته -حفظه الله- لإخوانه قادة دول المجلس لمجابهة هذه الأخطار بضربة استباقية مدروسة هدفت في محتواها إلى التكاتف بشكل وثيق ومتماسك للمحافظة على وحدة وأمن وسلامة هذه الأمة الخليجية، وبما يكفل صون مكتسباتها، ولعل ما أصدره الشيخ القرضاوي في هذا الشأن ليؤكد بأن هذه الدعوة الحكيمة تنبثق أيضًا من متطلب شرعي واجب في مثل هذه الظروف لدرء المخاطر المحدقة بالأمة، بالإضافة إلى مواكبتها للتطورات العصرية، والتي أثبتت بأن التجمعات والاتحادات والتكتلات السياسية والاقتصادية الفعالة أكثر تأثيرًا وفائدة لدولها وشعوبها داخليًا كان أم خارجيًا. وأمام تماثل كيانات دول المجلس من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتشابه المستويات المعيشية والعادات والتقاليد بين شعوبها، وتوفر أرضية التعاون ممثلة في الأمانة العامة لدول المجلس، فلا مفر ولا مناص لتلك الدول إلا الدخول في اتحاد يُجنّب بعض دولها المخاطر المحدقة بها، وأعتقد أن وجود هذه العوامل مجتمعة سوف تهيئ نشوء الاتحاد بأسرع وقت ممكن. السؤال المطروح حاليًا: ما هي نوعية هذا الاتحاد، هل سيكون على غرار الاتحاد الأوروبي، أنظمة وقوانين وتشريعات موحدة، أم على شاكلة الاتحاد السويسري.. كونفدرالية متقدمة، أم كالإمارات دولة اتحادية وإمارات داخلية، ما أتمناه هو أن يخرج علينا هذا الاتحاد بخليط متميز من تجارب الآخرين فيراعي الإيجابيات ويتجنب السلبيات مع المحافظة على خصوصية الهوية.. وما يهمنا في المقام الأول، وكما قال الشيخ القرضاوي، جيش موحد وعملة موحدة، وأضيف أيضًا وسياسة خارجية وداخلية واحدة.. ولِمَ لا..؟!