نظم الجناح السعودي المشارك في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب في نسخته الثانية والعشرين المنعقد حالياً في العاصمة الإماراتية "أبو ظبي"، والذي شارك فيه 900 دار نشر من 54 دولة خليجية وعربية وأجنبية ، وقد نظم الجناح السعودي المشارك ندوة فكرية حول مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز "حفظه الله" بخصوص الانتقال من مرحلة التعاون في مجلس التعاون الخليجي إلى مرحلة الاتحاد الذي اطلقها في آخر قمة خليجية في الرياض وأتت هذه المبادرة في ظل التحديات والمتغيرات التي تشهدها منطقة الخليج والعالم العربي، من تحديات وظروف إقليمية ودولية تهدد أمن واستقرار منطقة الخليج ، وطالب المشاركين في هذه الندوة المهمة ضرورة الإسراع في تنفيذ آليات وخطوات ومراحل عملية الانتقال.. وشارك فيها الدكتور صدقة يحيى فاضل عضو مجلس الشورى في المملكة، أستاذ العلوم السياسية، والدكتور منصور المنصور، عضو هيئة التدريس، مدير مركز دراسات في مجلس التعاون الخليجي، والدكتور حصة لوتاه، الأكاديمية والإعلامية الإماراتية، وأدار الندوة الاستاذ عبدالمحسن الحارثي، رئيس تحرير مجلة الراصد الثقافية الصادرة عن الملحقية الثقافية السعودية في الإمارات. إبراهيم الإبراهيم: إنشاء الاتحاد مطلب لمواجهة المخاطر والتحديات وقال الدكتور منصور المنصور: إن توجهات المثقفين المختصين نحو دعوة خادم الحرمين الشريفين انقسموا إلى 3 أقسام ووجهات نظر، فمنهم من ينظر إلى الفكرة على أساس أن مجلس التعاون الخليجي أنهى مهماته ووظيفته وأدى ما هو مطلوب منها، وبالتالي عليه تجديد ذاته من خلال أفكار ورؤى جديدة، ومنهم من ينظر للموضوع نظرة تشاؤمية وبأن نتعامل مع الحدث كردود أفعال، وأن مثل هذه الأفكار لا يمكن أن تطبق لأن مجلس التعاون الخليجي لديه اتفاقيات لم تطبق، والقسم الثالث يرى أن المجلس يمكن أن يبقى على وضعه الحالي بشرط أن تفعل الاتفاقيات الأمينة والعسكرية لتشكل حصانة إضافية لكافة دول الخليج وشعوبها. وأوضح المنصوري أن المجلس بصيغته الحالية استنفذ العديد من أغراضه بعد أكثر من 30 سنة، ولا بد من تفعيل الاتحاد ليصبح اتحاد كونفدرالي موحد، لمنع الأخطار المحدقة التي تهدد امن واستقرار الخليج، ولفت إلى نموذج دولة الإمارات العربية المتحدة كمثال يحتذى لتطبيقه على مستوى دول مجلس التعاون لعدم وجود أية حواجز جغرافية واقتصادية، كما أن هناك عوامل مشجعة للإسراع في تطبيق آليات الاتحاد نظراً للظروف السياسية المعقدة التي تدعونا في الاستعجال لتطبيق مثل هذا الاتحاد وذلك لمنع التدخل الخارجي، وصد الرياح الصفراء والنزعات الطائفية التي أصبحت كرة تلعب بها القوى الإقليمية أمام اتحاد وصفه بأن هلا يزال مكشوف استراتيجيًا وهشاً أمام المتغيرات والعواصف التي تهب رياحها على منطقة الخليج والمنطقة العربية. ومن جانبه وصف الدكتور صدقة يحيى فاضل، أن درجة مراحل مجلس التعاون الخليجي لم تصل إلى مستوى الاتحاد بعد، وقيمها من خلال ما استند إلى دراسات وبحوث علمية حيث ان مستوى مجلس التعاون الخليجي في حالته الراهنة لا يصل إلى 3% من مستوى الاتحاد الكونفدرالي أو الاتحاد الفدرالي حسب المقاييس العالمية لتشكيل أي اتحاد.. وأوضح انه لو طبقت الاتفاقية الاقتصادية لوحدها لارتفعت هذه النسبة إلى مستوى 8%، ووصل مفهوم التعاون إلى مفهوم الاتحاد، مشيرا إلى أن النظرية العامة للاتحاد وما يسمى بالذاتية فإما أن يصل إلى مستوى الاتحاد من خلال التحول إلى الأقوى وينسجم مع ذاته، أو تفعل الاتفاقيات السابقة واطلاق مبادرات جديدة، وإلا فإن هذا الاتحاد سيضعف ويتفكك وينفصل. د. منصور المنصور: مجلس التعاون الخليجي استنفد ما هو مطلوب منه وقال صدقة: إن الاتحاد الكونفدرالي هو منظمة حكومية إقليمية شاملة متكاملة تعتمد على الاقتصاد والاجتماع والسياسة والأمن، ويتحول هذا التعاون إلى اتحاد، وترتفع درجات قياسه وقربه من الاتحاد، لأن الاتحاد الاوروبي هو اتحاد كونفدرالي وكذلك هو حال الاتحاد الافريقي، ومجلس التعاون الخليجي هو الآن الاتحاد الأضعف، ويحتاج إلى تعديل النظام الأساسي للمنظومة ليرتقي إلى مستوى الاتحاد، من جانبها قالت الدكتورة حصة لوتاه: إن هذه المبادرة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - جاءت نتيجة إحساسه في المرحلة الصعبة ونوعية التحدي المحدق في المنطقة والمشاكل والتحولات والمتغيرات التي طرأت على منطقة الخليج والمنطقة العربية، وهو ما يجعلنا أن نكون حذرين ويقظين لأمننا واستقرارنا، لأن ليس لدينا رؤية واضحة واستراتيجية مدروسة أما هذه التحولات السريعة، والتحديات الأهم والحقيقية هي ترتيب البيت الخليجي من الداخل. د. حصة لوتاه: ليس لدينا استراتيجية أو خطاب إعلامي موحد وأوضحت لوتاه بأن دعوة الانتقال إلى مرحلة الاتحاد هي دعوة نبيلة ومشجعة ولكن نحتاج إلى ضرورة مراجعة قراراتنا ومواقفنا السياسية من الداخل لكي نصل إلى مستوى خطاب سياسي موحد، لأن المشترك بيننا أكثر من المختلف.. مشيرة إلى أن الحقيقة المرة أن هناك انشقاقا أكبر مما هو انسجام، لوجود مشكلات داخلية تغذى من الخارج، ومشكلة البحرين خير دليل على ذلك.. مؤكدة خلال حديثها بأن مملكة البحرين قادرة على أن تتجاوز هذه الأزمة. وقالت لوتاه: وجدنا انفسنا في قضية البحرين مندهشين ومتورطين وقلقين على مستقبل وأمن واستقرار هذه الدولة الخليجية، وهذا دليل أنه ليس لدينا تصور لمعالجة واستشعار وقوع الحدث، وليس لدينا خطاب موحد، فالإعلام الخليجي حاله حال الإعلام العربي، ضعيف وهش وهزيل، كما أنه ليس لدينا خطاب إعلامي موحد وليس لدينا رؤية مستقبلية واضحة لمعالجة الأخطار وإعلامنا الخليجي هو بمثابة علاقات عامة ليس إلا.. صحيح أن من إعلامنا العربي والخليجي ما نجح في أن يجعل المسلم إرهابيا فقط، وأن يضع الخنجر في ظهورنا ويشوه صورتنا أما الآخرين، وبأننا مجرمون وإرهابيون وليس لدينا أية رؤية وهذا هو ديدنا في يظهر في الخطاب بوسائل إعلام خليجية، والتي تسيء للمسؤول أكثر مما تمدحه. وفي مداخلة لمعالي السفير السعودي الاستاذ ابراهيم بن سعد الإبراهيم، أكد فيها على الحرص والإسراع للتحول في دول الخليج من حالة التعاون إلى حالة الاتحاد وفق ما تحدث عنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز- أيده الله - خصوصاً أن إنشاء مجلس التعاون جاء للتصدي لأي خطر خارجي، والآن هناك دول إقليمية لديها أطماع توسعية وماضية علناً في التدخل في شؤون دولنا الخليجية من خلال إذكاء النزعة الطائفية وزرع منظمات وميليشيات داخل الدول العربية عموماً ودولنا الخليجية خصوصاً، وبالتالي لا بد للتصدي لمثل هذا التدخل السافر والمعلن، وذلك في إشارة إلى إيران التي هي قريبة جداً من محيطنا الخليجي وتحتل الجزر الإماراتية الثلاث ولديها سلاح نووي محرم تلوح به ليل نهار لابتزاز وإرهاب الدول الخليجية. ومضى الإبراهيم في مداخلته قائلا: صحيح أن إسرائيل لديها أسلحة نووية لكن الخطر الإيراني علينا أقرب، ونحن لا نختلف مع أي مذهب آخر، لكننا نختلف ونتصدى للأطماع الفارسية التوسعية في منطقة الخليج، ومن هنا أتت فكرة ومبادرة خادم الحرمين الشريفين في الانتقال بموافقة ومشاورة كافة زعماء دول مجلس التعاون الذين باركوا وشجعوا على هذه الخطوة لتعزيز أمن واستقرار وازدهار المنطقة الخليجية وشعوبها التي تتطلع إلى مثل هذه المواصفات والسمات التي ترتكز إلى الأمن والاستقرار والمزيد من التنمية والنهضة والازدهار.