من خلال تجربتي مع الطلاب وشؤونهم وشجونهم، ومن خلال عمادة شؤون الطلاب في جامعتي، اكتشفتُ أشياء كثيرة من حقها أن تُذكر وتُسطَّر لأنها نتاج تجربة وخلاصةُ سنوات من البحث والإدارة والهم، ومن هذه الشجون: أن طلابنا وشبابنا وبكل صدق معادنُ أصيلة، قد يظهر لمعان هذا المعدنُ واضحًا جليًا، وقد يُصيبُه شيءٌ من الصدأ فيحتاج إلى تجليةٍ ومعالجة ليعود بريقه الأصلي. وقد جربتُ مع الطلاب المشاركين في أنشطة الجامعة؛ وصفةً سحريةَ المفعول ظاهرة الأثر، ورأيتُ أثرها واضحًا مترجمًا لواقع عملي، وهذه الوصفة تتكون من ثلاثة عناصر متى ما توفرت بقدْرِ مناسب آتت أُكلها وطاب ثمرُها بإذن ربها، وهي (تأهيل ودعمٌ وثقة). ثلاثةُ عناصر يحتاجها كل شاب لتكون ونكون عونًا له على الإبداع والثقة بالنفس ولكي يكون نافعًا إيجابيًا، يُحسُ أن له قيمة وأنه من الممكن أن يقومَ بشيء ما! والجامعات محاضنُ الشباب، وفيها من الإمكاناتِ ما يجبُ الإفادة منه، وفي الملتقى الإعلامي الأخير الذي عقُد في رحاب جامعة الطائف وبتنظيم طلابي رائع، استمعنا إلى تجارب مشرفة وعجيبة من طلابنا في التعامل مع وسائط الاتصال والإعلام الجديد من الفيس بوك واليوتيوب وغيرهما وكيف استطاعوا أن يستخدموا هذه الوسائط في الخير وفي نشر قيم الإسلام والفضيلة وفي خدمة المجتمع والوطن، في قصصٍ وتجارب تُجبرك على احترامهم وتقديرهم. لذلك فإن الجامعات والمؤسسات العلمية عندما تنصرف جهودُها واهتماماتها إلى ملفاتٍ تبتعد عن المقاصد الرئيسة وهي (صناعة فكرٍ وصياغة شاب) على مستوى من التأهيل الخلقي والعلمي والمهاري فقد انصرفت عن الغرض الأساس؛ الذي هو (المُنتج) الحقيقي الذي يجبُ أن تتوجهَ برامجنُا وإعلامنُا وإنجازاتنُا لخدمته أولًا وقبل كل شيء، حتى يكون (هذا الطالب) هو البوصلة الصادقة التي نتجه لها، وهو المؤشرُ الذي نقيسُ بها مدى نجاح الجامعة وتفوقها بل تصنيفها الحقيقي! الطالب يريد: أستاذا جامعيا متمكنا وذا قدرة عالية من التأهيل والجدية والخلُق، يريد: مناخا جامعيا يجدُ فيه ما يحتاجهُ من متطلبات، يريد: (دعما وتأهيلا وثقة) حتى يكتشف نفسه قبل أن يتخرج وهو لم يعرف ماذا يريد! إن مواهبَ الطالب التي قد تكون مدفونة أمانةٌ في أعناق المعنيين بهذا الأمر، حتى إذا ما فرطوا ولم يهتموا فقد خانوا هذه الأمانة! رسالة شكر: أشكر أخي الكريم سعادة أ. نجيب الزامل عضو مجلس الشورى والكاتب المعروف، على شعوره الكبير والنبيل تجاه طلاب الجامعة الذين رآهم بعينه وشاهد فيهم الطموح والقدرة على الإبداع والأمل الذي حملوه في حملة: بذرة أمل، الموجّهة لمرضى الفشل الكلوي، والذي جاء في مقاله الأسبوعي، وهي لفتة من رجل واعٍ يحمل رسالة واعية.