كثيرة هي المحطات التي يجدر التوقف عندها بعد اسدال الستار على دورة استثنائية للالعاب العربية في قطر التي تميزت بنكهة «اولمبية» وبمستوى مرتفع في بعض الرياضات وطبعت باكتشاف 14 حالة منشطات معظمها في كمال الاجسام «الدخيلة»، وقد تكون مشاركتها اليتيمة، بعد الضجة الكبيرة التي اثارتها. ونالت قطر شهادة تقدير على حسن تنظيمها للدورة من جميع الوفود المشاركة فيها، ومن مسؤولي الاتحادات الرياضية الدولية واعضاء اللجنة الاولمبية الدولية الذين حضروا تباعا لمتابعة منافساتها، حتى ذهب البعض الى تحميل لبنان عبء كبير في احتضان النسخة المقبلة عام 2015.وهذه المرة الاولى التي تقام فيها دورة الالعاب العربية في المنطقة الخليجية، اذ بقيت حكرا على مصر ولبنان وسوريا والاردن والمغرب والجزائر. ولم يتردد بعض المسؤولين الرياضيين والدوليين في القول ان قطر نظمت دورة الالعاب العربية على مستوى الدورات الاولمبية.كانت المشاركة في الدورة كثيفة وقياسية لنحو 5.5 الاف رياضي ورياضية من 21 دولة، اذ كانت سوريا الدولة الوحيدة الغائبة بعد اعلان لجنتها الاولمبية عدم المشاركة «احتجاجا على تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية».المستوى الفني لبعض المنافسات كان مرتفعا بوجود عدد لا بأس به من الرياضيين العرب الذين سبق لهم المشاركة في دورتي الالعاب الاولمبية في اثينا 2004 وبكين 2008. ليس هذا فقط، بل انه للمرة الاولى في تاريخ الدورات العربية، تكون منافسات بعض الرياضات مؤهلة الى دورة الالعاب الاولمبية في لندن الصيف المقبل، وتحديدا في العاب القوى والسباحة بعد موافقة الاتحادين الدوليين المعنيين على ذلك.شكلت هذه المبادرة حافزا مهما للرياضيين لتقديم افضل ما لديهم املا بالانضمام الى نجوم العالم في اولمبياد لندن، فسجلت تسعة ارقام مؤهلة في العاب القوى، اضف اليها 20 رقما في السباحة، بعض هذه الارقام كان مؤهلا مباشرة الى الالعاب الاولمبية، وعدد منها يحتاج الى تأكيد فقط من الاتحادين الدوليين المذكورين.امتازت هذه الدورة ايضا بالجوائز المالية التي خصصتها اللجنة المنظمة الى الفائزين بالمراكز الاولى، في الالعاب الفردية والجماعية، والى اللجان الاولمبية التي ينتمون اليها، فضلا عن تخصيص جائزة معتبرة لافضل رياضي في الدورة قدرها 70 الف دولار ذهبت الى السباح التونسي الاولمبي اسامة الملولي. لقيت قرية الرياضيين التي سميت ب»قرية العرب» اصداء ايجابية ايضا من حيث مساهمتها في توثيق روابط المعرفة والصداقة بين الرياضيين العرب. وسجل في الدوحة رقم قياسي في عدد الميداليات لرياضي واحد، قد يصعب تكراره في المدى المنظور، اذ احتكر الملولي 15 ميدالية ذهبية من اصل 17 سباقا شارك فيها، حيث اخفق في اثنين، الاول بسبب خطأ فني في 100 م صدرا، والثاني في التتابع 4 مرات 100 م متنوعة مع منتخب بلاده الذي حل ثانيا خلف مصر.14 حالة منشطات تفجرت في الدورة الثانية عشرة قضية المنشطات على نطاق واسع بتأكيد اللجنة الطبية فيها وجود 14 حالة خالف اصحابها قوانين المنشطات، ان كان بالتخلف عن الفحص المطلوب او بوجود مواد محظورة في عيناتهم. معظم حالات المنشطات ظهرت في منافسات كمال الاجسام، التي ادرجت للمرة الاولى في تاريخ الدورات العربية، ونالت القسط الاكبر من الضجة الاعلامية.وقد كان لوكالة «فرانس برس» فرصة كشف الحالات ال14 قبل اعلانها رسميا من قبل اللجنة الطبية.وشطبت في اليوم قبل الاخير من منافسات الدورة ميداليات الرياضيين الذين اعلن عن مخالفتهم للوائح المنشطات، وسحبت من رصيد الدول التي ينتمون اليها في الجدول العام، ومنها 9 حالات تتعلق برياضيين احرزوا ميداليات ذهبية.والحالات التسع المتعلقة بالميداليات الذهبية هي: 7 في كمال الاجسام و2 في الجودو. توزعت حالات كمال الاجسام على اربعة قطريين هم وحيد السويدي (وزن تحت 70 كلغ) ووليد مال الله (وزن تحت 75 كلغ) وجلال الرياشي (وزن تحت 85 كلغ) وكمال عبدالرحمن (وزن تحت 90 كلغ)، وعلى مصريين هما محمود الفضالي (وزن تحت 80 كلغ) ومصطفى عبدالعزيز (وزن تحت 100 كلغ)، واردني هو محمد الخالدي (وزن 65 كلغ).وتعود الميدالية الذهبية الوحيدة التي ابقي عليها في مسابقة كمال الاجسام الى المصري عطية الشعلان في وزن فوق 100 كلغ.اما في الجودو، فان الحالة الاولى تتعلق بالمصري محمود جاب الله في وزن دون 100 كلغ، والثانية بالمغربي صفوان عطاف في وزن دون 81 كلغ.وهناك ثلاث حالات اخرى ايجابية في كمال الاجسام ايضا لكل من الاردني حسني مروح (برونزية وزن تحت 75 كلغ)، والعراقي احمد جبار (فضية وزن تحت 70 كلغ)، والبحريني عبدالعزيز بومجايد (برونزية وزن تحت 70 كلغ).فضلا عن حالة ايجابية في رياضة رفع الاثقال تتعلق بالاماراتية عائشة البلوشي التي نالت فضية وزن 58، واخرى تتعلق بلاعب كرة السلة العراقي حسن السيمرلي.قضية كمال الاجسام لم تمر مرور الكرام مع ارتفاع اصوات في الدورة طالبت بالغاء هذه الرياضة من الدورات العربية المقبلة، فلم يتردد امين عام اللجنة الاولمبية الكويتية عبيد العنزي في القول لفرانس برس «يجب الغاء نتائج المسابقة في هذه الدورة»، ودعا اتحاد اللجان الاولمبية العربية «الى معاقبة الاتحاد العربي للعبة».كما قال ساري حمدان رئيس البعثة الاردنية في الدورة «انا من المتحمسين جدا لقرار الغاء رياضة كمال الاجسام من الدورات العربية نظرا لوجود معظم الحالات الايجابية في فحوصات المنشطات في منافساتها».لا بل ان باحمدان اعتبر حالات المنشطات امرا خطيرا بقوله «يجب اتخاذ اجراءات اكثر صرامة في المستقبل لمنع هذه الحالات في الدورات العربية»، مؤكدا «ان وجود 14 حالة ايجابية تتعلق برياضيي اكثر من دولة مؤشر خطر، فالمنشطات آفة يجب علينا محاربتها».