مرّت أكثر من سنة على بدء انطلاقة بث الإذاعات الخاصة في ال fm، وحتى الآن -بكل صراحة- لم نشهد تميزاً لواحدة منها، وبمعنى أصح لم نشهد إضافة جديدة قدمتها هذه الإذاعات لإعلامنا المحلي، وأرى في رأيي المتواضع أن هناك إذاعات اعتمدت على أسلوب التقليد واقتباس أفكار من إذاعات أخرى!.. وهذا يدل على أن هذه الإذاعات لم تخطط مسبقاً للتواجد بشكل فاعل، بل كان فقط كل همهم هو دخول هذا السوق (المغري تجاريًا)، وعندما نجحت في دخول السوق وجدت نفسها بدون أي خطة أو طريقة، فقامت بتقليد غيرها حتى في تقديم الأعمال الخاطئة أو البرامج التي ليس بها فائدة!. قبل مجئ هذه الإذاعات كانت هناك إذاعة واحدة فقط، احتكرت السوق بمفردها لسنوات طويلة، استفادت ماديًا كثيرًا، وفرضت أفكارها وبرامجها على جمهور المستمعين، وخاصةً المراهقين، فقد لعبت هذه الإذاعة بهم من خلال تكثيف بث الأغنيات، وخاصةً الأغنيات الهابطة، ومارست هذه الإذاعة كل أنواع المجاملات الفنية، وخاصةً مع فنانين معينين تقوم بتكثيف أغانيهم بشكل يومي ممل جداً، واخترعت برامج (مفصّلة) لفنانين معينينن وهي برامج لاعلاقة لها بالفن وأصوله بقدر ما هي برامج للمجاملة على حساب المستمعين، فمن سيسأل وهي الإذاعة الوحيدة!.. ومن هذه البرامج (المملة) التي اخترعتها تلك الإذاعة قيامها بتخصيص مدة ساعة كاملة لأغنيات (فنان معين) تحت اسم (ساعة مع... ) أو اي اسم آخر، والمسمتعين الغلابة لا يعرفون أن هذه مجاملات خاصة بين الإذاعة وذاك الفنان تحكمها علاقات خاصة لا علاقة لها بالفن أو احترام المستمعين وذوقهم، وظللنا سنوات طويلة في هذه المجاملات التي كنت اعتقد أنها ستنتهي فوراً عند مجئ إذاعات أخرى، وبالفعل مع وصول الإذاعات الجديدة لمسنا تنوعًا في هذا الجانب الغنائي، وأصبحت البرامج منوعة، وأصبحنا نسمع أغنيات لكل المطربين والمطربات، ولكن أعود إلى ما ذكرته في البداية عن وجود (بعض) الإذاعات التي دخلت السوق وهي لا تملك أفكاراً جديدة، فقامت بالتقليد، ومما قلدته ما كانت تقوم به تلك الإذاعة في تخصيص وتكثيف أغنيات فنان معين على حساب الفن الأصيل وذوق المستمعين، فوجدنا (بعض) هذه الإذاعات هي أيضًا تقوم بهذه العملية العشوائية وتخصص برامج تحت اسم «ساعة مع أبو خديجة» وساعة مع «أم أحمد» و»ساعة مع أبو عرام»، ونفس الأغاني تتكرر يومياً، وهذه الإذاعات تعتقد أنها تقدم شيئًا مفيدًا، ولا تدرك أنها قلدت شيئًا تعيسًا يدل على عدم وعيها ومعرفتها بما يريده المستمعون من إذاعة جديدة جاءت لكي تنتشل أذواقنا من الهبوط الذي سببته تلك الإذاعة التي احتكرت السوق طوال السنوات الماضية. إنني بالفعل أبدي استغرابي الشديد لهذا، فإذاعة جديدة تدخل السوق وتدفع الملايين ثم تقوم بتقليد غيرها (كربونايًا) حتى في إعداد البرامج الهابطة؟!.. ألا يوجد لدى هذه الإذاعات فكر خاص بها بعيداً عن هذا التقليد الأعمى الأعوج؟!.. ألا يوجد لديهم كوادر قادرة على التفكير ببرامج جديدة هادفة؟!.. من قال لهم أن أغنيات «أم خديجة» و»أبو عرام» هي التي يريدها الجمهور لنبثها لهم ساعة كاملة (نغثّهم بها)، وبالطبع أغنية قبل البرنامج لنفس المغني، وأغنية أيضا بعد البرنامج لنفس المغني!!. في كل الإذاعات العربية لا يوجد هذا الهبوط أو التقليد الأعمى الخاطئ، لكن (بعض) هذه الإذاعات الجديدة أكرر بانها لم تدخل سوق الإعلام من أجل الإعلام، وإنما للتجارة، والدليل هذا التقليد الذي لا يعبّر عن شيء سوى عن إفلاس وعدم وجود فكر إعلامي، فوجدوا أن أغنيات «أم خديجة» وأبوعرام» هي الأفضل لأن تلك الإذاعة تقدمها!!. لهذه الإذاعات نقول.. احترموا ذوق المستمعين، ولا تفرضوا عليهم مجاملاتكم، ولا تكونوا مقلدين للأفكار الفاشلة، وثقوا أن الجمهور أصبح واعيًا لمثل هذا التصرفات، وأصبح يعرف أسلوب المجاملات، فقدموا لهم المفيد الممتع. وللعلم.. الأغنيات التي يمكن أن نخصّص لها ساعة يوميًا، هي أغنيات كوكب الشرق الراحلة أم كلثوم يرحمها الله وخاصة في فترة الليل، وأغنيات فنانة العرب السيدة الأصيلة فيروز طوال النهار، فهما فقط يمكن أن نتقبّل ونستمتع بأغنياتهما ليلاً ونهاراً، وأما (اختراعات) بعض الإذاعات وأغنيات «أبو عرام» و»أبو خديجة»، ، فهي تعبّر فقط عن ذوقهم الهابط!. إحساس ما تقول لنا صاحب.. فينوا زمن غايب نسأل عليه واجب.. كان العشم أكبر