في مسرح الإذاعة قبل سنوات خلت الذي كان يقدم فيه الجديد لأهل الفن والطرب، وكان بمثابة فرصة لظهور الكثير من الأعمال وانتشارها، قدم محمد عبده في بداية مشواره عملاً غنائيًّا جديدًا باللغة الفصحى، لكن الجمهور بدأ في التضجر خاصة أن محمد عبده لم يكن ذاك الفنان في ذلك الحين الذي يحافظ على بقاء الجمهور، نظرًا لخبرته المحدودة في ذلك الوقت، إلاّ أن النجم عبدالله محمد (سفينة الأنغام) شعر بصعوبة الموقف، وتقدّم لإنقاذ التعثرات والمحافظة على بقاء الحضور بخبرته ووجوده اللافت على المسارح، وقدم أشهر أغنياته ومنها أغنيته المعروفة «حيران وليّ سنة.. ما ذقت يوم الهنا».. فعل ذلك حتى يواصل الحضور البقاء، ويتمكن محمد عبده من أداء وصلته فيما بعد وبارتياح تام. محمد عبده لم ينسَ هذا الموقف الجميل لعبدالله محمد، وقد كان ذكيًّا في تصرفه، ولم يستغرب هذا من فنان بحجم عبدالله محمد والذي كان إيقاعيًّا ماهرًا، وله مدرسة خاصة في صياغة اللحن. إلاّ أن تكريم هذا النجم، وهو على قيد الحياة لم يتحقق بالرغم من شعبيته، وأعماله الخالدة، إلاّ أن جمعية الفنون بجدة وبعد وفاته بسنوات قدمت حفلًا تكريميًّا، وهي تشكر على ذلك، وهذه خطوة رائعة وجديرة بالتقدير لإدارة الجمعية الجديدة. لكن للأسف هذا الحفل أو هذا التكريم لم يكن بحجم أستاذ كبير كعبدالله محمد وربما هناك ظروف وعوائق غير معروفة، وقد ظهر الحفل بطريقة غير منظمة، ممّا دعا الحضور إلى التضجر والاستياء من سوء التنظيم، والشيء المؤسف الذي حزّ في أسرة هذا الفنان أن يُقابل مشوار والدهم الفني بهذا التحجيم، ولا نعلم ما هو نوع التكريم.. هل هو معنوي فقط.. أم يتخلله الجانب المادي، وهو المهم لأسرة عبدالله محمد، أو غيره من الذين قدموا جهدهم وتضحياتهم للفن والإبداع في المملكة، ثم إن الجمعية مع احترامنا وتقديرنا للحاضرين لم توجّه دعوة لمن عاصروا عبدالله محمد خلال مشواره الفني، سواء من فنانين أو كتّاب، أو صحفيين، أو ملحنين ومن حضروا ربما معرفتهم غير مكتملة بفنان كهذا.. أيضًا ملاحظة هامة فكثير من قدموا الأغنية والشعر والملحنين وحتى الأدباء ومن تقطّعت بهم السبل من هؤلاء لا تجد أسرهم من يرعاها.. وربما حال الأدباء أفضل لأن هناك من تقاعد، وربما لديه دخل شهري يسير ربما يكفيه، وإنما من خدم الفن والأغنية من الرعيل الأول والثاني ومن يليه فليس هناك جهة رسمية ترعاهم بعد الله إلاّ وجهه الكريم.